مقبولة ولكنّها لا توجب القول بالاحتياط فيما إذا فرض كونهما توصليين والمفروض أنّ كلام سيّدنا الاستاذ فيما إذا كان المعلوم بالاجمال توصليا فلا وجه لما ذهب إليه في مباحث الحجج من وجوب الاحتياط بتكرار العمل مرة مع الإتيان بذلك الشيء ومرة بدونه ولو في التوصليين.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه إذا دار الأمر بين كون شيء شرطا أو جزء وبين كونه مانعا أو قاطعا فالعلم الإجمالي بتقييد الواجب بأمر حاصل إلّا أنّه دائر بين وجود ذاك الشيء وعدمه وحيث إنّه لا جامع أصلا بينهما والاحتياط ولو بالتكرار ممكن فالعقلاء يحكمون في مثله بوجوب الموافقة القطعية ولو لم يلزم من جريان الأصل فيه مخالفة قطعية عملية ومع حكم العقلاء وعدم الردع عنه لا مجال للرجوع إلى البراءة ولو في التوصليات.
وبالجملة فما نحن فيه عندهم من قبيل المتباينين لا من قبيل الدوران بين المحذورين ولا مجال للاحتياط في الثاني دون الأوّل فان الاحتياط بتكرار العمل ممكن فيه والوجه في امكان الاحتياط في المتباينين كما أفاد المحقّق الاصفهاني قدسسره أنّ مورد دوران الأمر بين المحذورين يكون المطلوب في كل واقعة أحد الأمرين اللذين لا يتمكن من موافقة التكليف فيه والفعل في واقعة والترك في اخرى ليس موافقة قطعية للتكليف لأنّه هناك بعدد الوقائع تكاليف متعددة فالفعل موافقة احتمالية لتكليف والترك موافقة احتمالية لتكليف آخر لا للتكليف في الواقعة الاولى بخلاف ما نحن فيه فإنّه ليس المطلوب إلّا صلاة واحدة متخصصة إمّا بجزء وجودي أو بجزء عدمي ويتمكن من موافقة التكليف بذلك الخاص قطعيا باتيانه مرتين. (١)
فتحصّل : أنّ الأقوى هو وجوب الاحتياط في مفروض المسألة مطلقا سواء كان طرفي المعلوم بالاجمال من التوصليات أو التعبديات وعليه فالحق مع المحقّق الخراساني ومن تبعه قدّس الله أرواح جميع العلماء والصالحين.
__________________
(١) نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٣٠٣ ط قديم.