الحج بذلك المال.
ومنه المثال الثاني فإنّ أصالة عدم بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا يوجب الحكم بقلّته التي انيط بها الانفعال.
وإمّا لاستلزام نفي الحكم به عقلا أو شرعا أو عادة ولو في هذه القضية الشخصية لثبوت حكم تكليفي في ذلك المورد أو في مورد آخر كنفي وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين.
فإن كان ايجابه للحكم على الوجه الأوّل كالمثال الثاني فلا يكون ذلك مانعا عن جريان الأصل لجريان أدلته من العقل والنقل من غير مانع ومجرد ايجابه لموضوع حكم وجودي آخر لا يكون مانعا عن جريان أدلته كما لا يخفى على من تتبع الأحكام الشرعية والعرفية (فيثبت أحد الجزءين من الموضوع المركب بالأصل والآخر بالوجدان) إلى أن قال وإن كان على الوجه الثاني الراجع إلى وجود العلم الإجمالي بثبوت حكم مردّد بين حكمين فإن اريد باعمال الأصل في نفي أحدهما اثبات الآخر ففيه أنّ مفاد أدلّة أصل البراءة مجرد نفي التكليف دون اثباته وإن كان الاثبات لازما واقعيا لذلك النفي فإنّ الأحكام الظاهرية إنّما تثبت بمقدار مدلول أدلتها ولا يتعدى إلى أزيد منه بمجرد ثبوت الملازمة الواقعية بينه وبين ما ثبت إلّا أن يكون الحكم الظاهري الثابت بالأصل موضوعا لذلك الحكم الآخر كما ذكرنا في مثال براءة الذمة عن الدين والحج إلى أن قال :
وإن اريد باعماله في أحدهما مجرد نفيه دون الاثبات فهو جار إلّا أنه معارض بجريانه في الآخر فاللازم إمّا اجرائه فيهما فيلزم طرح ذلك العلم الإجمالي لأجل العمل بالأصل وإمّا اهماله فيهما وهو المطلوب وإمّا اعمال أحدهما بالخصوص فترجيح بلا مرجح إلى أن قال : وكيف كان فسقوط العمل بالأصل في المقام لأجل المعارض ولا اختصاص لهذا الشرط بأصل البراءة بل يجري في غيره من الاصول والأدلة ولعلّ مقصود صاحب الوافية ذلك وقد عبّر هو قدسسره في باب الاستصحاب بعدم المعارض (١) حاصله جريان البراءة خلافا
__________________
(١) فرائد الاصول / ص ٣١١ ـ ٣١٢.