للفاضل التوني فيما إذا كان اعمال الأصل موجبا لثبوت موضوع مركب من شيء بالوجدان ومن آخر بالأصل كحكم وجوب الحج المترتب على من له مال ولم يشتغل ذمته بدين للغير إذ المال محرز بالوجدان وعدم الاشتغال محرز بأصالة البراءة هذا كله بالنسبة إلى الشبهة البدويّة وأمّا المقرونة بالعلم الإجمالي فإن أريد باعمال الأصل في نفي أحدهما اثبات الآخر ففيه أنّ عدم جريانه لأنّ مفاد أصالة البراءة مجرد نفي تكليف دون اثباته لا وجود شرطه وان اريد باعماله في أحدهما مجرد نفيه دون الاثبات فلا يجري لاجل المعارض لا لعدم وجود شرطه فلا تغفل.
قال في الكفاية ولا يخفى أنّ أصالة البراءة عقلا ونقلا في الشبهة البدوية بعد الفحص لا محالة تكون جارية وعدم استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية والاباحة ورفع التكليف الثابت بالبراءة النقلية لو كان موضوعا لحكم شرعي أو ملازما له فلا محيص عن ترتّبه عليه بعد احرازه فإن لم يكن مترتبا عليه بل على نفي التكليف واقعا فهي وإن كانت جارية إلّا أنّ ذلك الحكم لا يترتّب لعدم ثبوت ما يترتب عليه بها وهذا ليس بالاشتراط. (١)
حاصله أنّ عدم ترتب حكم شرعي على نفي التكليف ظاهرا فيما إذا كان الحكم الشرعي مترتبا على نفي التكليف واقعا من جهة عدم تحقق الموضوع للحكم المترتب على نفي التكليف واقعا لا من جهة أنّ شرط جريان البراءة هو عدم كون اعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعي آخر بل من جهة عدم تحقق موضوعه والشاهد له هو جريانها وترتب آثار البراءة الظاهرية عليها كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الظاهر من كلام صاحب الكفاية أنّه اكتفى في الجواب عن الفاضل التوني بالشبهة البدوية حيث لم يذكر الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي كما ذكرها الشيخ الأعظم قدسسره ولعلّ الوجه في ذلك أنّ الأصل في المقرونة لا يجدي في نفسه عند ابتلاء المعارض فإن كان المقصود
__________________
(١) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٦٣.