من اشتراط جريان الأصل هو ذلك بأن لا يكون اعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعي فهو صحيح ولكن لا يختص ذلك بأصل البراءة بل يجري ذلك في غيره من الاصول أيضا كما أفاده الشيخ قدسسره هذا مضافا إلى أنّه لا مجال للتعبير بالشرط عن الخلو عن المعارض.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ رفع استحقاق العقاب أو عدم التكليف شرعا ظاهرا لو كان موضوعا لحكم شرعي آخر يترتّب عليه الحكم الآخر لتحقق موضوعه وكذا لو كان رفع الاستحقاق أو عدم التكليف بالنحو المذكور ملازما لحكم آخر هذا إذا كان الحكم الآخر أو الملازم مترتبين على الحكم الظاهري وإلّا فلا يترتبان لعدم ثبوت نفي الحكم واقعا والمفروض أنّهما مترتبان على النفي الواقعي والبراءة عقلية كانت أو شرعية لا تثبت نفي الحكم واقعا نعم لو كان المورد من موارد الاصول المحرزة كالاستصحاب يترتبان عليه.
وعليه فالوجه في عدم جريان أصالة البراءة في الشبهة البدوية هو عدم تحقق موضوع الحكم الآخر بأصالة البراءة إذ الموضوع هو عدم التكليف واقعا لا لأنّ مثبتات الاصول ليست بحجة.
ولذلك قال سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره لا معنى للنزاع في حجية مثبتات البراءة وعدمها إذ هي لا تنفي إلّا تنجز الحكم الواقعي أو فعليته فالأمر العادي أو العقلي أو الشرعي المترتب عليها لو كان من آثار عدم تنجز الحكم ولوازمه أو فعليته ولوازمها يترتب عليه لا محالة إذ بعد اجراء البراءة يرتفع تنجز الحكم أو فعليته بالوجدان وذلك يستلزم ثبوت كل ما كان مترتبا عليه أو ملازما له ولو كان من آثار عدم الحكم واقعا لا يترتب بعد اجراء البراءة ولو قلنا بالأصل المثبت إذ قد عرفت أنّ البراءة لا تنفي الحكم واقعا. (١)
وممّا ذكر يظهر ما في مصباح الاصول حيث ارجع كلام الفاضل التوني إلى عدم حجية مثبتات البراءة (٢).
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥١٢.
(٢) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٥١٥.