بقي شيء في المثال الذي ذكره الشيخ ذيل كلام الفاضل التوني من انه إذا كان للمكلف مقدار من المال واف بالحج إلّا أنه شك في الدين وعدمه يجري فيه الأصل فيجب عليه الحج فإنّ الدين مانع عن الاستطاعة فيدفع بالأصل ويحكم بوجوب الحجّ بذلك المال وهو أنّ هذا المثال لا يخلو عن الكلام لما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره من أنّه لو كانت الاستطاعة عبارة عن وجدان المال وعدم ثبوت الدين واقعا لا يجب عليه الحجّ بعد اجراء البراءة عن الدين لأنّها لا تثبت عدم ثبوت الدين واقعا نعم لو جرى الاستصحاب لترتب عليه وجوب الحج إلّا أنّه إذا انكشف الخلاف بعد بأن تبين ثبوت الدين لما يكفي حجه عن حجة الاسلام هذا كله إذا كان الموضوع مركبا وامّا لو كان بسيطا بأن كان الاستطاعة عبارة عن التمكن العرفي أو كان مقيّدا بأن كانت عبارة عن وجدان المال المقيّد بعدم الدين فلا يثبت وجوب الحج باستصحاب عدم ثبوت الدين أيضا لعدم الاعتناء بالاصول المثبتة نعم لو كان الأمر البسيط أو المقيّد بما هو مسبوقا بالوجود يجري فيه الاستصحاب ويثبت به وجوب الحج هذا كله في الشرط الأوّل الذي ذكره الفاضل التوني. (١)
وثانيهما : أن لا يتضرر باعمالها أي أصالة البراءة مسلم كما لو فتح انسان قفص طائر فطار أو حبس شاة فمات ولدها أو أمسك رجلا فهرب دابته (أو أبق عبده) فإنّ اعمال البراءة فيها (وعدم الحكم بالضمان) يوجب تضرر المالك فيحتمل اندراجه في قاعدة الاتلاف وعموم قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار لأنّ المراد نفي الضرر من غير جبران بحسب الشرع وإلّا فالضرر غير منفي فلا علم حينئذ ولا ظن بأنّ الواقعة غير منصوصة فلا يتحقق شرط التمسك بالأصل من فقدان النص بل يحصل القطع بتعلق حكم شرعي بالضّار ولكن لا يعلم أنّه مجرد التعزير أو الضمان أو هما معا فينبغي له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح.
أورد عليه الشيخ الأعظم قدسسره بأنّه إن كان قاعدة نفي الضرر معتبرة في مورد الأصل كان دليلا كسائر الأدلة الاجتهادية الحاكمة على البراءة وإلّا فلا معنى للتوقف في الواقعة وترك
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥١٢ ـ ٥١٣.