خلاف الظاهر وإن ذهب إليه بعض اللغويين وشراح الحديث انتهى هذا بخلاف الأمثلة المذكورة.
فإنّ نفي الحكم فيها بنحو المطلق تكليفا كان أو وضعيا غير ممكن لأنّ المفروض كونهما محكومين بالحكم التكليفي وهو النهي عن الالزام في الأوّل والنهي عن الاحداث في الثاني ومن المعلوم أنّ عدم امكان تعميم النفي يكون قرينة على إرادة خصوص النهي من النفي.
هذا مضافا إلى أنّ مدخول (لا) في المقام طبيعة الضرر بمعناه الإسم المصدري لا بمعناه المصدري الذي هو فعل المكلف فنفيه لا يختص بخصوص فعل المكلف ليكون لازم نفيه حرمته بل يعمه والضرر الحاصل من امتثال أحكامه تعالى. (١)
هذا بناء على ما عرفت من ظهور عنوان الضرر في الإسم المصدري وكيف ما كان فلا يقاس المقام بقوله صلىاللهعليهوآله «لا جلب في الاسلام» أو قوله تعالى (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ) لأنّ المنفي في أمثاله هو الفعل لا الإسم المصدري هذا مع إمكان ارادة النفي مع الفعل المصدري أيضا.
ومنها : أنّه يقدر كلمة المجوز في قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار.
فيدلّ على انه لا ضرر ولا ضرار مجوز في الإسلام والمستفاد من عدم تجويز الشارع له هي الحرمة التكليفية.
وفيه كما افاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره أنّه خلاف الظاهر إذ الأصل عدم التقدير ما لم يدلّ عليه الدليل.
ومنها : أنّ المراد من حديث (لا ضرر ولا ضرار) نفي الضرر ادعاء في الخارج ويكون مصحح الادعاء حكم الشارع بتحريم الضرر والضرار ومنعه من ذلك وفيه ما مر في الايراد على الوجه الأوّل من أنّ تخصيص ما هو مصحح للادعاء المذكور بحكم الشارع بحرمته تكليفا لا وجه له بعد امكان تعميم النفي بلحاظ مطلق الحكم تكليفا كان أو وضعيا
__________________
(١) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢٧٤.