كما هو الظاهر.
قال سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره وبالجملة فدعوى أنّ المستفاد من الحديث المبارك حرمة الاضرار فقط بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة ممنوعة جدا وقد عرفت أنّه اصر عليه شيخ الشريعة الاصفهاني قدسسره مستشهدا بنظائره ممّا ورد في الكتاب والسنة اطراد منه خصوص الحرمة تكليفا كقوله «لا جلب في الاسلام» و «لا بنيان كنيسة» ونحو ذلك وفيه أنّ الكلام فيما ليس في البين قرينة على إرادة خصوص التكليف كما في المثالين فإنّ إرادة غيره فيهما ممّا لا معنى له (١) كما أنّ إرادة غير الوضع في مثل قوله لا شفاء ونحوه كذلك وبالجملة فالكلام في ما يمكن أن يرجع الرفع إلى كل من الحكم التكليفي والوضعي كما في المقام فتدبّر. (٢)
هذا كله بناء على ارادة النهي من النفي وقد عرفت أنّه لا شاهد لها.
وذهب الفاضل التوني ومن تبعه بعد تسليم عدم ارادة النهي إلى أنّ المراد من المنفي هو الضرر الغير المتدارك ومرجعه إلى اثبات الحكم بالتدارك شرعا كما حكاه في فرائد الاصول.
وتقريبه بوجوه أحدها أن يكون المراد من المنفي الضرر الغير المتدارك بنحو التقييد سواء كان بنحو استعمال المطلق في الخاص مجازا أو كان ارادة الخاص بتعدد الدال والمدلول والإخبار بعدم وجود الضرر الغير المتدارك مع وجوده منه في الخارج ادعاء وكناية عن حكم الشارع بلزوم تداركه.
أورد عليه الشيخ الأعظم قدسسره أولا بأنّ الضرر الخارجي لا ينزّل منزلة العدم بمجرد حكم الشارع بلزوم تداركه وإنّما المنزل منزلته الضرر المتدارك فعلا.
__________________
(١) إذا الجلب بفتحتين اي سوق الماشية نحو الساعي وهو منهي عنه كما أن إحداث الكنيسة غير جائز فمع كونهما محكومين بالحكم لا يمكن نفي الحكم عنهما وعليه فيحمل مثله في عدم الامكان المذكور على النهي عن الجلب والنهي عن احداث الكنيسة فلا تغفل.
(٢) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٢٦ ـ ٥٢٧.