عدم الاضرار فيكون مفاد الحديث هو النهي أو بعناية عدم التسبيب إلى ضرر المكلفين فيكون مفاده نفي الحكم الضرري فلا يتعين التفسير المذكور وأيضا أنّ هذا المعنى لا يناسب موارد تطبيق الحديث من قبيل سمرة فإنّه لم يحكم فيها بتدارك الضرر الواقع على الأنصاري لعدم كونه قابلا للتدارك كما هو واضح. (١)
فتحصّل : أنّ المنفي ليس هو الضرر الغير المتدارك.
فإذا عرفت ذلك فيقع السؤال حينئذ في أنّ المنفي بالنفي المذكور أيّ شيء يكون هل هو الحكم الضرري أو الموضوع الضرري أو نفس الضرر هنا ثلاث احتمالات.
أحدها : هو ما اختاره الشيخ الأعظم قدسسره من أنّ المنفي هو الحكم الذي يوجب ثبوته ضررا على العباد وكان منشأ له فمعنى قوله لا ضرر اي أنّه لا حكم كان موجبا للضرر ومنشأ له في الإسلام فكل حكم كان سببا للضرر تكليفا كان أو وضعيا منفي بحكم اطلاق الحديث وإليك لفظه :
فاعلم أنّ المعنى بعد تعذر ارادة الحقيقة عدم تشريع الضرر بمعنى أنّ الشارع لم يشرع حكما يلزم منه ضرر على أحد تكليفا كان أو وضعيا فلزوم البيع مع الغبن حكم يلزم منه ضرر على المغبون فينتفي بالخبر وكذلك لزوم البيع من غير شفعة للشريك وكذلك وجوب الوضوء على من لم يجد الماء إلّا بثمن كثير وكذلك سلطنة المالك على الدخول إلى عذقه واباحته له من دون استيذان من الأنصاري وكذلك حرمة الترافع إلى حكام الجور إذا توقف أخذ الحق عليه ومنه براءة ذمة الضار عن تدارك ما أدخله من الضرر إذ كما أنّ تشريع حكم يحدث معه الضرر منفي بالخبر كذلك تشريع ما يبقى معه الضرر الحادث بل يجب أن يكون الحكم المشروع في تلك الواقعة على وجه يتدارك ذلك الضرر كأن لم يحدث (٢) فالمراد من الضرر المنفي هو الحكم الموجب للضرر وعليه فالنفي والمنفي كلاهما
__________________
(١) قاعدة لا ضرر / ص ١٩٦.
(٢) فرائد الاصول / ص ٣١٤ الطبعة القديمة.