حقيقيان ولا يلزم من النفي الكذب بعد كون المنفي هو الحكم الموجب للضرر ولا المجاز بعد كون المنفي هو الحكم الضرري في عالم الشرع.
ولا يخفى ما فيه لأنّ ارادة الحكم من الضرر يحتاج إلى مجاز الحذف أو المجاز في الكلمة بأن يستعمل الضرر في أحد مصاديقه ولقد أفاد وأجاد المحقّق الخراساني حيث قال في رد الشيخ الأعظم قدسسره أنّ قضية البلاغة في الكلام هو ارادة نفي الحقيقة ادعاء لا نفي الحكم أو الصفة كما لا يخفى ونفي الحقيقة ادعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة إلى أن قال وقد انقدح بذلك بعد ارادة نفي الحكم الضرري أو الضرر الغير المتدارك أو ارادة النهي من النفي جدّا ضرورة بشاعة استعمال الضرر وارادة خصوص سبب من اسبابه أو خصوص الغير المتدارك منه ومثله لو اريد ذلك بنحو التقييد فإنّه وإن لم يكن ببعيد إلّا أنّه بلا دلالة عليه غير سديد. (١)
والحاصل أنّ ارادة نفي الحكم حقيقة من نفي الضرر بتقدير الحكم أو استعمال الضرر فيه مجازا خلاف الظاهر إذ الأصل في الكلام هو عدم التقدير والأصل في الكلمة هو استعمالها في معناها لا في فرد منها وعليه فنفي الضرر وإرادة نفي الحكم الناشي من قبله الضرر حقيقة كما ذهب إليه الشيخ خلاف الظاهر لأنّ ظاهر النفي هو نفي نفس الضرر لا نفي الناشي من قبله الضرر وهو الحكم فتقدير الحكم أو استعمال الضرر في الحكم لا يساعد الظاهر ولا الأصل ولا قرينة على ذلك حتى يمكن ذلك بتعدد الدال والمدلول فما ذهب إليه الشيخ الأعظم من أنّ المنفي هو الحكم منظور فيه وإن كان كلام صاحب الكفاية أيضا لا يخلو عن الاشكال لامكان أن يكون النفي حقيقيا محضا ومع هذا الامكان لا وجه لجعل النفي حقيقيا ادعائيا وسيأتي إن شاء الله تحقيقه.
وثانيها : ما اختاره صاحب الكفاية وحاصله أنّ أقرب المجازات بعد عدم إمكان إرادة نفي الحقيقة حقيقة هو نفيها ادعاء تحفظا على نوع المعنى المستفاد من هذه الجملة واشباهها
__________________
(١) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٦٨.