الخصومة ليس قرينة على أنّ كل ما يقوله ويستند إليه في هذا المقام فهو حكم وأمر سلطاني بل لا بد وأن يستفاد ذلك من قرينة أخرى.
ونحن إذا راجعنا الجملة المروية عنه صلىاللهعليهوآله «لا ضرر ولا ضرار» نراها أنّها تنفي وجود الضرر باطلاقه وأنّه لا اثر ولا خبر عن الضرر أصلا وبعد ما لم يكن هذا النفي راجعا إلى الاخبار عن انتفائه في عالم الطبيعة والتكوين كما عرفت فلا محالة يكون راجعا إلى الأخبار عن انتفائه في عالم القانون والأحكام حيث إنّ للضرر المنفي اطلاقا واسعا ينفى بالحديث أيّ ضرر كان فلا محالة يعم سعة النفي الضرر مطلقا سواء فيه ما كان من الرعية بعضهم ببعض أو من التكاليف الالهية ومعه فقهرا يكون الحديث حكما واسعا يشمل سعته جميع الموارد وهو لا يكون إلّا حكما إلهيا لا حكما سلطانيا ويكون مآل كلامه صلىاللهعليهوآله الاستناد إلى حكم كلي إلهي استند إليه في مقام رفع ظلم الظالم والدفاع عن المظلوم هذا إذا كان اللحاظ معطوفا إلى ما روي من طرقنا.
وامّا إذا لاحظنا النقل المروي عن عبادة بن الصامت فنقول إنّ منشأ الاختلاف والخصومة بين الناس قد يكون الجهل والغفلة عن حكم الله الكلي وبيان مثل هذا الحكم الكلي من القاضي يكون رافعا للخصومة بينهم وفاصلا لها ولذلك يصح استناد القضاء بحكم الهى كلي إلى الامام أو الولي المعصوم عليهالسلام بل القاضي غير المعصوم في مقام القضاء وحينئذ فمجرد تعلق القضاء به لا يكون دليلا على اعمال جهة الولاية في نفس ما قضى به بل إذا راجعنا الحكم الذي حكم به في مقام القضاء ووجدناه كليا شاملا لجميع الموارد نعلم أنّه حكم كلي الهي كما هو شان الأحكام الالهية فليس قضاء ولا حكما سلطانيا ذلك الحكم الذي ليس له تلك السعة وذلك الشمول. (١)
وعليه فقوله لا ضرر ولا ضرار حكم كلي يكون مستندا للدفاع عن المظلوم أو فصل الخصومة أو يكون نفسه رافعا للخصومة وفاصلا لها لارتفاع جهلهم وغفلتهم به وعلى
__________________
(١) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢٧٥ ـ ٢٧٦.