ما لا يعلمون» بدعوى أنّه يعمّ الطرفين إذ المرفوع هو ما كان وجوده ثقلا عن الامة والوجوب أو الحرمة ممّا يثقل على الامة وهكذا المرفوع هو ما كان مصداقا لما لا يعلمون وكلّ واحد من الوجوب أو الحرمة مصداق لما لا يعلمون لأنّ كلّ واحد منهما غير معلوم والمجعول في الشرع هو خصوص الوجوب أو الحرمة لا الجامع بينهما وعليه فإطلاق الموصول في قوله ما لا يعلمون يعمّ كلّ واحد من المحتملين.
وفيه : أنّه لا مجال للبراءة الشرعية لأنّ مع العلم الإجمالي بالوجوب أو الحرمة لا يصدق موضوع أدلّة البراءة إذ المرفوع هو ما لا يعلمونه مطلقا لا تفصيلا ولا إجمالا والمقام ممّا يعلم إجمالا وإن لم يعلم بالتفصيل.
هذا مضافا إلى أنّ مع تقدم حكم العقل بالتخيير لا ثقل للوجوب أو الحرمة وعليه فكيف يرفع الثقل بعموم «رفع ما لا يعلمون» وأيضا الحكم بالبراءة شرعا من الأحكام الظاهرية ولا بدّ في الأحكام الظاهرية من ترتب الآثار الشرعية وإلّا لكانت لغوا ولا خفاء في أنّ جعل البراءة سواء كانت عقلية أو شرعية أو جعل الإباحة الشرعية بعد حكم العقل بالترخيص والتخيير بين الفعل والترك لا أثر له.
هذا كلّه بالنسبة إلى القول الاول أي الحكم بالإباحة الظاهرية والبراءة نظير الحكم بالإباحة عند دوران الأمر بين الحرمة وغير الوجوب.
وأمّا القول الثاني : وهو التوقف بمعنى عدم الحكم بشيء لا ظاهرا ولا واقعا فلعله من جهة توهم عدم تمامية القواعد العقلية والشرعية عند قائله وسيأتى إن شاء الله تعالى تمامية القول الخامس من التخيير العقلي.
وأمّا القول الثالث : وهو تقديم جانب الحرمة بملاك أولوية دفع المفسدة من جلب المنفعة ففيه أوّلا : أنّ إطلاق ذلك ممنوع كوضوح تقديم وجوب حفظ النفس على حرمة الغصب فيما إذا توقف الحفظ على التصرف في مال الغير من دون إذنه.
وثانيا : أنّ المصلحة الفائتة بترك الواجب أيضا مفسدة وإلّا لم تصلح للالزام ما لم تبلغ