وفيه مواقع للنظر :
منها أنّ جعل معنى نفي الضرر نفي التسبيب إلى الضرر إن كان بمعنى تقدير التسبيب ففيه أنّه خلاف الأصل والظاهر هذا مضافا إلى أنّه لا حاجة إليه وذلك لأنّ نفي طبيعة الضرر حقيقة بعد عدم امكان نفيه خارجا يدلّ بدلالة الاقتضاء على عدم جعل أسبابه في حومة الشرع فلا حاجة إلى تقدير التسبيب حتى يكون المنفي هو التسبيب إلى الضرر كما مر أنّه لا وجه لتقدير الحكم أو فعل الضارّ وإن كان المقصود من نفي التسبيب هو ما ذكرناه فلا مناقشة في التعبير هذا مع ما في اختلاف التقدير من البعد حيث إنّ المقدر في لا ضرر هو نفي التسبيب وفي لا ضرار تسبيب النفي.
ومنها : أنّ تقيد المنفي بالضرر الخارجي ثمّ الحاجة إلى أن يكون النفي ادعائيا لا موجب له هذا مضافا إلى أنّه غير مساعد مع شان الشارع من النفي التشريعي.
ومنها : أنّ تخصيص استفادة النهي بقوله لا ضرار بدعوى أنّ الضرر عمل مرغوب عنه للمكلف بحسب طبعه لا يخلو عن الاشكال لإمكان أن يقصد إضرار نفسه بداع من الدواعي فيحتاج ردعه إلى النهى أيضا كما لا يخفى.
ومنها : أنّ التفرقة بين الضرر والضرار في أنّ كلمة (لا) في الأوّل تفيد النفي وفي الثاني تفيد النهي خلاف الظاهر من السياق.
اللهمّ إلّا أن يقال : ليس المقصود استعمال كلمة (لا) في النفي والنهي بل المقصود في كليهما هو النفي إلّا أنّ النهي مستفاد من نفي الثاني دون الأوّل ولقائل أن يقول إنّ اسم المصدر من الثلاثي وإن لم يكن النظر فيه إلى حيثية صدوره من الفاعل إلّا أنّه اسم مصدر لباب المجرد وهذا الباب كما يستعمل في الضرر بالنسبة إلى نفسه كذلك يستعمل بالنسبة إلى الغير أيضا كقولهم ضره يضره فاسم المصدر بإطلاقه يشمل ضرر بعض لبعض والضرر المكرر وغيره فيأتي فيه ما ذكر في لا ضرار من افادة النفي للنهي أيضا لعين ما ذكر في (لا ضرار) فلا فرق بين (لا ضرر) و (لا ضرار) من جهة استفادة النهي عن النفي فيهما فلا وجه لتخصيص ذلك