المتبادر من قول القائل «لا ضرب ولا مضاربة في داري» إرادة ضرب بعض بعضا لا مطلق الضرب وعلى أيّ حال فالقول بشمول الحديث للاضرار بالنفس لازمه حرمة الوضوء الضرري أو الحج الضرري ونحو ذلك (وهو) في غاية الاشكال ولذا ترى كثيرا من الفقهاء بل كلهم يحكمون بلزوم البيع الضرري مع علم المكلف به مستدلا بأنّه اقدم على الضرر على نفسه ولو لا انصراف حديث لا ضرر عن مثل هذا الاضرار لما كان لحكمهم بذلك وجه ولا فرق في ذلك بين ان يكون الحديث محمولا على النهي أو على الضرر المجرد عن التدارك أو على الحكم الذي ينشأ منه الضرر كما قواه وقد تلخص من جميع ما ذكر أنّه كما لا يشمل الحديث الضرر المقدم عليه في البيع الغبني ونحوه كذلك لا يشمل الاضرار بالنفس لأنّه في المعنى راجع إلى الضرر المقدم عليه فالحكم بحرمة الوضوء الضرري أو الحج ونحو ذلك الذي لازمه فساده ممّا لا يخلو عن اشكال بل الحكم بالصحة ممّا لا يخلو عن وجه. (١)
حاصله أنّ حديث نفي الضرر لا يشمل الاضرار بالنفس للاقدام ولا فرق في ذلك بين أن يكون المراد من حديث النفي هو النهي أو نفي الضرر المجرد عن التدارك أو الحكم الضرري وعليه فالوضوء أو الغسل الضرري لا يكون مشمولا لحديث لا ضرر حتى يقال بأنّ حرمته توجب الفساد.
ولقائل أن يقول أوّلا : لا وجه لتنظير قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار بما دل على وجوب اطعام الناس على اولياء الاوقاف في عدم شموله للنفس لأنّ في المثال المذكور يمنع عن الشمول ذكر من يجب اطعامه وهو الناس وهو في قوة أن يقال يجب على الأولياء اطعام الغير ومن المعلوم أنّه لا يشمل الأولياء بخلاف لا ضرر ولا ضرار فإنّ عدم ذكر من يرد عليه الضرر فيه يكفي للتعميم في مثل لا ضرر ولا ضرار وفي مثل لا ضرب ولا مضاربة في داري من دون فرق بينهما وليس المقصود حمل لا ضرر ولا ضرب على خصوص ضرر النفس وضربه حتى يقال إنّه حمل المطلق على الفرد النادر بل المقصود أنّه من أفراده فلا
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٣١ ـ ٥٣٢.