ولا يصلح قوله عليهالسلام إنّ الله تعالى لا يعبد من حيث يعصى للدلالة على الفساد لأنّه محمول على أنّه تعالى لا يعبد من حيثية العصيان بل يعبد من حيثية العبادة وعليه فهو مؤيد لما ذكرناه هذا مضافا إلى ضعف الرواية من ناحية الارسال.
ودعوى : أنّ الفقرة الاولى أعني لا ضرر لا تدلّ على حرمة الاضرار بالغير فضلا عن الاضرار بالنفس بل هي ناظرة إلى نفي الأحكام الضررية في عالم التشريع والفقرة الثانية منها أعني لا ضرار تدلّ على حرمة الاضرار بالغير بالأولوية ولا يدلّ على حرمة الاضرار بالنفس بوجه. (١)
مندفعة : بأنّ قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر يدلّ على نفي الضرر مطلقا من ناحية الأحكام ومن المعلوم أنّ تجويز ضرر النفس على النفس ضرر كما أنّ تجويز ذلك بالنسبة إلى الغير ضرر ومقتضى اطلاق نفي الضرر بأسبابه هو نفي التجويز المذكور أيضا ومع نفي التجويز يكون الضرر على النفس حراما فلا وجه لنفي دلالة لا ضرر على الحرمة فلا تغفل.
لا يقال إنّ لا ضرر ولا ضرار لا يشمل الضرر المالي بالنسبة إلى النفس وإلّا لزم جواز دخول سمرة في الحائط بلا استيذان لأنّ لزوم الاستيذان عن الانصاري على سمرة للاستطراق إلى نخلته حكم ضرري.
لأنّا نقول : إنّ الاستيذان مع تعقبه بالإذن ليس ضررا ماليا وعلى تسليم كون الاستيذان ضرريا فعدم شمول الحديث له في المورد من جهة تزاحمه مع ضرر الأنصاري وهو ضرر العرض وعليه فلا يكون شاهدا على عدم شمول لا ضرر للضرر المالي الوارد على النفس فلا تغفل.
فتحصّل : أنّ الملاك في شمول حديث لا ضرر وعدمه هو صدق الامتنان وعدمه لا الاقدام وعدمه وعليه فكل مورد أقدم على نفس الضرر كالمعاملات الغبنية بداع من الدواعي العقلائية فلا تجري فيه قاعدة لا ضرر إذ لا امتنان في شمول قاعدة لا ضرر بالنسبة
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٥٤٩.