بحيث ينتفي بنفي الحكم الضرري وما إذا كان الغرض في أمر يكون مستلزما للضرر أو علّة له فالأوّل هو الحاصل في الاقدام على المعاملة الغبنية فإنّ غرض المشتري المغبون في نفس المعاملة وتملك المبيع تملكا مطلقا لازما رغم الغبن فيه فهو يقدم على الحكم الضرري ابتداء لأنّ غرضه في ذلك وهنا لا اشكال في عدم المنّة في رفع الحكم بصحة المعاملة ولزومها إلى أن قال وامّا الثاني فهو المحقّق في باب الاجناب عمدا فإنّ غرض المكلف ليس في الاقدام على الغسل ولا فيما يتوقف على الغسل بل الأمر بالعكس فإنّه يريد الاجناب الذي هو علّة قهرية لوجوب الغسل ومن امنياته أن لا يكون هذا الاجناب علّة لوجوب الغسل فيتوصل إلى مقصوده من دون التبعة المتفرعة عليه وفي هذا النوع من الاقدام على الضرر لا يكون نفي الحكم الضرري على خلاف الامتنان بل على طبق الامتنان فلا مانع من اطلاق الحديث لنفي مثل هذا الحكم الضرري وبهذا يندفع التهافت بين موقف الفقهاء في مسألة الاقدام على المعاملة الغبنية والاقدام على الجنابة مع ضررية الغسل. (١)
وعليه فيختلف صدق الامتنان بحسب الموارد وليس مجرد الاقدام مانعا عن شمول حديث نفي الضرر بل العبرة في الشمول وعدمه هو صدق الامتنان وعدمه والاقدام على نفس الضرر أو مستلزم له ففيما أقدم على نفس الضرر فلا مجال لقاعدة لا ضرر هذا بخلاف ما إذا أقدم على شيء مستلزم للضرر فلا مانع حينئذ من جريان قاعدة لا ضرر وممّا ذكرنا ينقدح أنّ حديث لا ضرر يشمل الوضوء الضرري أو الحج الضرري ولا يكون ذلك منافيا للامتنان وذلك لأنّ المتوضي أو الحاج لا يقدم على نفس الضرر بل يقدم على العبادة التي تكون مستلزمة للضرر وعليه فالوضوء أو الحج بما هو مستلزم للضرر حرام وبما هو معنون للعبادة مطلوب وحيث قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي كان مقتضى القاعدة هو صحة العبادة لو لم يدل على بطلانها دليل خاص فالقول بحرمة الوضوء أو الحج للضرر لا يستلزم الفساد بل يمكن اجتماع الحرمة مع الصحة بناء على جواز اجتماع الأمر والنهي كما لا يخفى.
__________________
(١) بحوث في علم الاصول / ج ٥ ، ص ٥٠٠.