ومثل ما رواه عن عدة من أصحابنا عن سهل عن ابن فضال عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام في رجل ياكل الطين فنهاه وقال لا تاكله فإن أكلته ومت كنت قد أعنت على نفسك. (١) أورد عليه بأنّ المستفاد منها ونظائرها أنّ الحكمة في حرمة بعض الأشياء هي كونه مضرا بحسب النوع والحكمة في حلية بعض الأشياء هي كونه ذا منفعة ومصلحة نوعية فلا دلالة لها على كون الحرمة دائرة مدار الضرر هذا مضافا إلى ضعف الروايات. (٢)
يمكن أن يقال : إنّ ضعف الروايات وإن كان صحيحا بالنسبة إلى بعضها ولكن لا يتم بالنسبة إلى بعض آخر كالروايات المذكورة هذا مضافا إلى أنّ جعل الضرر حكمة لحرمة بعض الأشياء يدلّ على مفروغية الحرمة عن نفس الضرر وإلّا فكيف يجعل الأمر الجائز حكمة للتحريم.
نعم تختص موثقة السكوني وموثقة ابن القداح بالضرر المهلك فلا تشملان مطلق الضرر هذا مضافا إلى أنّ صحيحة هشام بن سالم لم تدلّ على أنّ حرمة أكل الطين من جهة حكمة الضرر ولعلّ حرمته من جهة أخرى ومنها : ما رواه الصدوق في العلل وعيون الأخبار بأسانيده عن محمّد بن سنان عن الرضا عليهالسلام فيما كتب إليه من جواب مسائله في حديث من قوله عليهالسلام وحرمت الميتة لما فيها من فساد الأبدان والآفة ولمّا أراد الله عزوجل أن يجعل تسميته سببا للتحليل وفرقا بين الحلال والحرام وحرم الله الدم كتحريم الميتة لما فيه من فساد الأبدان وأنّه يورث الماء الاصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسيء الخلق ويورث القسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالده وصاحبه وحرم الطحال لما فيه من الدم ولأنّ علته وعلّة الدم والميتة واحدة لأنّه يجري مجريها في الفساد. (٣)
__________________
(١) الوسائل / الباب ٥٨ من ابواب الاطعمة والاشربة ، ح ٦.
(٢) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٥٥١.
(٣) علل الشرائع / ص ٤٨٥ ، باب ٢٣٧ ، ح ٤ ، الوسائل / الباب ١ ، من ابواب كتاب الاطعمة والاشربة ، ح ٣ ، ج ١٦ ، ص ٣٠٩.