اورد عليه بأنّ مقتضى حكومة لا ضرر على عموم أدلة الوضوء خروج الفرد الضرري من الوضوء عن عموم أدلته وبعد خروجه لا معنى لثبوت الملاك لأنّه إنّما يثبت بالكاشف له ولا كاشف بعد عدم شمول عموم الأدلة للفرد الضرري.
أجاب عنه سيّدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره بأنّه يمكن استفادة الملاك بالأدلة الخارجية الواردة في أنّ الوضوء نور وأنّ الصوم جنة من النار بل بنفس أدلة نفي الحرج والضرر ونحوهما بضميمة الأدلة الأولية حيث إنّ سياق تلك الأدلة رفع الكلفة والمشقة والضرر عن المكلف وظاهرها بقاء المطلوبية في الأفعال على حالها وأنّ الشارع لم يوجبها مع مطلوبيتها لتسهيل الأمر على المكلف وعدم القائه في الحرج والضرر وهذا واضح لمن راجع أهل العرف في محاورته فإنّه إذا قال المولى لعبده جئني بالماء البارد ثم قال لا تلق نفسك في المشقة لأجله يفهم أنّ الماء البارد مطلوب المولى على أي حال صادم المشقة أو لا وأنّه نفي وجوبه عند عروضها شفقة على عبده وتسهيلا للأمر عليه هذا ويدل على وجود الملاك نفس آية التيمم أيضا حيث قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١)
قيل المعنى أنّ المسح بالتراب ليس أمرا شاقا حرجيا ولم يرد الله ليجعل في الدين من حرج وإنّما أمر به ليطهركم ويتم نعمته عليكم وقيل المعنى أنّه لم يوجب الوضوء عند السفر والمرض عدم وجدان الماء وأمر بالتيمم لرفع الحرج ولأنّه ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج.
ولا يخفى أنّ الظاهر من الآية الشريفة هو المعنى الثاني وعلى هذا يكون دالة على أنّ
__________________
(١) سورة المائدة / الآية ٦.