الوضوء مطلوب عند السفر والمرض وعدم وجدان الماء وإنّما لم يؤمر به وجوبا للشفقة على العباد ورفع الحرج عنهم ويؤيّد بل يدل عليه ما يتراءى من بعض الأخبار من عتاب الائمة عليهمالسلام بعض الناس حيث كانوا يسافرون إلى بعض البلاد أو بعض الصحاري الخالي من الماء بقولهم هذا (هذه) أرض توبق دينك فإنّه لو لم يكن مطلوبية الوضوء عند ذلك بحالها وكان وجدان الماء وعدمه بمنزلة الاستطاعة وعدمها أو بمنزلة الحضر والسفر لما كان للعتاب مجال ويؤيده بل يدلّ عليه أيضا ما ورد في بعض الأخبار حيث سألوا عن وجوب الخروج عن الطريق في السفر لتحصيل الماء من عدم وجوبه معللا بوجود السباع بل في بعضها التقييد بالخوف منها الظاهر في وجوب ذلك عند عدم الخوف وهذه الاخبار كثيرة والغرض من هذا المختصر أنّ الظاهر من نفس أدلة التيمم من الآية وغيرها أنّ الوضوء مطلوب مطلقا صادم الحرج أو لا وأنّه إنّما أمر بالتيمم عند طريان الحرج دون الوضوء لرفع الكلفة والمشقة عن العباد فهذا أقوى الدليل على وجود الملاك إلى أن قال.
هذا كله مضافا إلى أنّ دليل لا ضرر ولا حرج في مقابل العمومات الأولية كان كقوله لا يجب إكرام زيد في مقابل قوله يجب إكرام العلماء فكما يجمع بين هذا الدليلين بحمل الحكم في مورد زيد على الاستحباب فكذلك يجمع بين الدليلين في المقام بحمل الحكم في مورد الضرر والحرج على الاستحباب.
وبالجملة فرق بين النسخ وبين حكومة لا ضرر ولا حرج على أدلّة الأحكام حيث إنّ معنى النسخ رفع الأمر الاعتباري الذي هو عبارة عن الجعل والانشاء وبعد رفع ذلك يمكن أن يقال لا دليل على وجود الملاك وهذا بخلاف الحكومة إذ مرجعها إلى عدم وجوب الحكم في مورد دليل الحاكم فهي نظير نفي وجوب الاكرام في مورد بعض أفراد العام فتامل.
إلى أن قال ثم إنّ هذا كله على فرض تسليم شمول القاعدة للمقام ويمكن منعه بأنّ المكلف لما كان مقدما على الوضوء الضرري لا مجال لرفع وجوبه بقاعدة لا ضرر حيث إنّ تلك القاعدة وردت امتنانا وموردها ما إذا لم يرد المكلف الفعل مع قطع النظر عن ايجابه إلى