فتارة يدور الأمر بين ايراد الضرر إمّا على نفسه أو على الغير.
وأخرى يدور الأمر بين ايراد أحد الضررين على الغير.
وثالثة يدور الأمر بين ايراد أحد الضررين على نفسه.
ورابعة يدور الأمر بين ايراد أحد الضررين على شخصين.
فعلى الأول إن كان الضرر بمقتضى طبعه متوجها إليه لا يجوز له دفعه إلى الغير وإن كان متوجها إلى غيره لا يجب عليه صرفه إلى نفسه وإن كان متوجها إلى الغير أيضا لكن لا بمقتضى طبعه بل بتوسيط المكلف لا يجوز له التوسيط وإن كان في عدمه ضرر عليه ومسألة التولّي من قبل الجائر يدخل في هذا القسم انتهى وذلك لأنّ حديث الرفع للامتنان على الامة وهو لا يساعد مع جواز التوسيط عند الاكراه. (١)
ثم زاد سيّدنا الاستاذ في مورد الأوّل أعني دوران الأمر بين ايراد الضرر على نفسه أو على الغير أنّه إذا كان نسبة الضرر اليهما على حدّ سواء بأن لم يكن بمقتضى جريه العادي متوجها إلى هذا ولا إلى ذاك كما فيما لو أدخل دابة رجل رأسه في القدر الآخر فدار الأمر بين ذبح الدابة أو كسر القدر فلا اشكال في أنّه يختار حينئذ أقل الضررين إلّا أنّه لو كان أحدهما مقصرا في ذلك يكون هو الضامن لضرر الأقل كما أنّه لو كان أحدهما مطالبا بماله يكون ضامنا لمال الآخر ومع عدم التقصير والمطالبة من أحدهما يقسم بينهما ضرر الأقل كما لا يخفى على المتأمل ومن ذلك يظهر ضعف القول بأنّ الضامن في المقام من كان ضرره أقل فافهم واستقم انتهى وتقسيم الضرر يوافق قاعدة العدل والانصاف كالدرهم الودعي وعليه فالحكم باختيار الأقل وتنصيف الضرر بينهما مقدم على الحكم بضمان من كان ضرره أقل مع أنّه لا تقصير له ويحتمل القول بتقويم كل طرف خاليا عن الآخر ومجتمعا مع الآخر فالتفاوت في كل طرف نقص طرأ عليه وعلى مالكه فمع بيعهما من ثالث أو اشتراء أحد المالكين ما للآخر يقسط الضرر بينهما بالنسبة ولعل هذا أولى هذا كله في المورد الأول.
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٦٧ ـ ٥٦٨.