حرجية فإنّها كلفة ومنافية لحرية الانسان وللعمل بما تشتهي الأنفس. (١)
وفيه ما لا يخفى إذ اثبات الصغرى لا يحتاج إلى أن يكون حرجيا في جميع الموارد بل يكفي فيه ثبوت الحرجية في بعض الموارد.
ثمّ أفاد بقية الكلام وقال وأمّا الكبرى فلأنّه لا وجه لحكومة أدلة الحرج على أدلة نفي الضرر فإنّ كل واحد منهما ناظر إلى الأدلة الدالة على الأحكام الأولية ويقيدها بغير موارد الحرج والضرر في مرتبة واحدة فلا وجه لحكومة أحدهما على الآخر. (٢)
يمكن أن يقال : إنّ توارد الضرر والحرج يكفي في جواز معاملة المتزاحمين فيقدم ما كان مقتضيه أقوى وإن كان دليل الآخر أرجح ومن المعلوم أنّ الضرر والحرج من المتزاحمين كما أفاد في الكفاية حيث قال ثم انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين كدليل نفي العسر ودليل نفي الضرر مثلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين وإلّا فيقدم ما كان مقتضيه اقوى وإن كان دليل الآخر أرجح وأولى ولا يبعد أنّ الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذلك الباب بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما لا من باب التعارض لعدم ثبوته إلّا في أحدهما كما لا يخفى. (٣)
نعم لا مجال للحكم بتقديم جانب الحرج مطلقا على الضرر بل اللازم هو مراعاة الأقوى منهما وأمّا دعوى أنّ قاعدة لا حرج لا تشمل الحرج الجوانحي بل هي مختصة بالحرج في الجوارح ففيها ما ذكره سيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره من منع الاختصاص وما دعوى ذلك إلّا بلا برهان. (٤)
والقول بأنّه ليس المقام مقام اجتماع قاعدة لا ضرر ولا حرج بل أحدهما محكم دون الآخر وذلك لأنّه إن كان الحكم المجعول جواز التصرف كان المحكّم قاعدة لا ضرر وبها ينفى
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٧١.
(٤) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٧٢.