أحدها : هو ما اختاره الشيخ الأنصارى قدسسره من أنّ المنفى هو الحكم الذى يوجب ثبوته ضررا على العباد وكان منشأ له فمعنى قوله لا ضرر أي أنّه لا حكم كان موجبا للضرر فكل حكم كان سببا للضرر تكليفا كان أو وضعيا منفى باطلاق الحديث.
فالمعنى بعد تعذر الحقيقة هو عدم تشريع الضرر بمعنى أنّ الشارع لم يشرّع حكما يلزم منه ضرر على أحد تكليفا كان أو وضعيا فلزوم البيع مع الغبن حكم يلزم منه ضرر على المغبون فينتفى بالخبر وهكذا فالمراد من الضرر المنفى هو الحكم الموجب للضرر وعليه فالنفى والمنفى كلاهما حقيقيان ولا يلزم من النفى الكذب بعد كون المنفى هو الحكم الموجب للضرر ولا المجاز بعد كون المنفى هو الحكم الضررى في عالم الشرع.
وفيه : أنّ ارادة نفى الحكم حقيقة من نفى الضرر بتقدير الحكم أو استعمال الضرر فيه مجازا خلاف الظاهر إذ الأصل في الكلام هو عدم التقدير والأصل في الكلمة هو استعمالها في معناها لا في فرد منها.
وعليه فنفى الضرر وارادة نفى الحكم الناشى من قبله الضرر حقيقة كما ذهب اليه الشيخ خلاف الظاهر لأنّ ظاهر النفى هو نفى نفس الضرر لا نفى الناشى من قبله الضرر وهو الحكم.
ثانيها : هو ما اختاره صاحب الكفاية من أنّ أقرب المجازات بعد عدم امكان ارادة نفى الحقيقة حقيقة هو نفى الحقيقة ادعاء تحفظا على نوع المعنى المستفاد من هذه الجملة واشباهها ويشهد له كثرة استعمال هذا التركيب في النفى الادعائى كقوله عليهالسلام «يا اشباه الرجال ولا رجال» فالمنفى في هذا التركيب اى «لا ضرر ولا ضرار» هو العمل المضر والمقصود من نفى الموضوع الضررى ادعاء نفى الحكم الثابت للعمل بعنوانه لا الحكم الثابت للضرر بعنوان الضرر لوضوح ان الضرر علة للنفى ولا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه وينفيه بل يثبته ويقتضيه ثم المصحح للحقيقة الادعائية عند صاحب الكفاية أنّ تمام حقيقة الموضوع وهو العمل المضر عبارة عن ترتيب آثاره عليه فاذا كانت الآثار مترتبة عليه صحّ نسبة الوجود اليه واذا فقدت الآثار صحّ ادعاء نفيه بسبب نفى آثاره فالعقد الضررى