الوجوه لما كان مجال لرفع اليد عنه ولو لم يكن في أطراف المعلوم بالإجمال كالشبهات البدوية لكنه يحتاج إلى دليل يدلّ على أنّ الحكم يكون فعليا بالمعنى المذكور والحاصل أنّ الترخيص في جميع أطراف المعلوم بالإجمال فيما إذا لم يثبت كون الحكم فعليّا من جميع الجهات لا مانع منه عقلا فضلا عن الترخيص في بعض الأطراف فلا تغفل.
وممّا ذكر يظهر ما في كلام شيخنا الأعظم قدسسره في المقام حيث ذهب إلى عدم جواز المخالفة القطعية وحرمتها مستدلا له بوجود المقتضي للحرمة وعدم المانع عنها أما ثبوت المقتضي فلعموم تحريم ذلك العنوان المشتبه فإنّ قول الشارع اجتنب عن الخمر يشمل الخمر الموجود المعلوم المشتبه بين الإنائين أو أزيد ولا وجه لتخصيصه بالخمر المعلوم تفصيلا مع أنّه لو اختص الدليل بالمعلوم تفصيلا خرج الفرد المعلوم اجمالا عن كونه حراما واقعيا ولا أظنّ أحدا يلتزم بذلك.
وأمّا عدم المانع فلأنّ العقل لا يمنع من التكليف عموما أو خصوصا بالاجتناب عن عنوان الحرام المشتبه في أمرين أو أمور والعقاب على مخالفة هذا التكليف إلى أن قال إنّ الإذن (الشرعي) في كلا المشتبهين ينافي المنع عن عنوان مردد بينهما ويوجب الحكم بعدم حرمة الخمر المعلوم اجمالا في متن الواقع وهو ممّا يشهد الاتفاق والنصّ على خلافه حتّى نفس هذه الأخبار (أخبار الإباحة) حيث إنّ مؤداها ثبوت الحرمة الواقعية للأمر المشتبه (١).
ويمكن الجواب عنه بأنّ معنى الترخيص ليس هو عدم الحكم في متن الواقع حتّى يكون الاتفاق والنصّ على خلافه بل معناه هو جعل العذر بالنسبة إليه كجعل العذر بالنسبة إليه في موارد الشبهات البدوية والأحكام الظاهرية ومن المعلوم أنّ ذلك لا يوجب عدم الحكم في متن الواقع في موارد الشبهات البدوية والأحكام الظاهرية لاشتراك العالم والجاهل في الأحكام الواقعية فكما أنّ جعل العذر في موارد الشبهات البدوية والأحكام الظاهرية لا ينافي وجود الأحكام في متن الواقع فكذلك جعل العذر في أطراف المعلوم بالإجمال بسبب
__________________
(١) فرائد الاصول / ص ٢٤١.