الجهل لا ينافي وجود الحكم في متن الواقع.
ودعوى : أنّ الحكم الظاهري لا يقدح مخالفته للحكم الواقعي في نظر الحاكم مع جهل المحكوم بالمخالفة لرجوع ذلك إلى معذورية المحكوم الجاهل كما في أصالة البراءة. وأمّا مع علم المحكوم بالمخالفة فيقبح من الجاعل جعل كلا الحكمين لأنّ العلم بالتحريم يقتضي وجوب الامتثال بالاجتناب عن ذلك المحرم فإذن الشارع في فعله ينافي حكم العقل بوجوب الإطاعة.
مندفعة : بأنّ القبح والمنافاة المذكورة ثابت فيما إذا كان العلم الإجمالي علة تامة كالعلم التفصيلي وأمّا إذا كان العلم الإجمالي مقتضيا كما قويناه في محلّه فلا يلزم من الترخيص الشرعي وجعل العذر قبيح ولا منافاة لأنّ حكم العقل بوجوب الاطاعة حكم تعليقي ومنوط بما إذا لم يرخص الشارع في حكمه من باب التسهيل وعليه فبعد العلم بالترخيص الشرعي وجعل العذر فلا حكم للعقل بالقبح ولا بالعقوبة على الحكم الواقعي ولا يلزم منه ترخيص في المعصية وذلك لشوب العلم الإجمالي بالشك فإنّه يوجب امكان جعل العذر في اطرافه وعليه فلا يقاس بالعلم التفصيلي فلا تغفل.
لا يقال : إنّه لا فرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي في المنجزية لأنّ الإجمال إنّما هو في الخصوصيات ولا دخل لها فيما يدخل في العهدة وتشتغل به الذمة بحكم العقل إذ ما هو موضوع لذلك إنّما هو العلم بالأمر أو النهي الصادرين عن المولى وأمّا خصوصية كونه متعلقا بالجمعة أو الظهر فلا دخل لها في المنجزية وإلّا كان وجوب صلاة الجمعة مثلا منجّزا على المكلّف لكونه وجوبا لصلاة الجمعة بالخصوص وهو واضح البطلان فالحاصل المنجز هو أصل الالزام وهو معلوم تفصيلا ولا اجمال فيه فلا قصور في منجزية العلم الإجمالي لما تعلّق به من التكليف وأنّه بنظر العقل بالإضافة إلى ما تعلّق به كالعلم التفصيلي.
لأنّا نقول : إنّ العلم بالالزام حاصل بسبب العلم باحد النوعين وموقوف على عدم الترخيص الشرعي بالنسبة إلى النوعين وعليه فمع جريان البراءة في النوعين للشك فيهما