عرفا إذنا في المعصية لحكم العرف كما عرفت بتنجيز المعلوم بالإجمال (١).
ويمكن أن يقال : إنّ دعوى الانصراف بملاحظة أنّ شمولها يعد عرفا إذنا في المعصية عرفا كما ترى لما مرّ من أنّ حكم العقل بتنجيز المعلوم بالإجمال تعليقي لا تنجيزي ومعه فالانصراف بدوي.
لا يقال : إنّ حديث الرفع لا يشمل أطراف المعلوم بالإجمال لأنّ المقصود من العلم في قوله صلىاللهعليهوآله «رفع ما لا يعلمون» هو الحجة (فالمعنى هو رفع ما لم تقم عليه الحجة) وحكم العقل بلزوم الاجتناب عن الأطراف حجة بل الدليل الدال على التكليف حجة على تنجز التكليف في كلّ من الأطراف كما ذهب إليه سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره.
لأنّا نقول : حكم العقل بلزوم التنجيز تعليقي ومع حديث الرفع لا مورد للحكم العقلي حتّى يكون حجة والدليل الدال على التكليف أيضا لا يكون حجة على خصوص كلّ واحد من الأطراف للشك فيه ومجرد تطبيق الاحتمال المنجز على كلّ واحد من الأطراف لا يصدق عليه العلم وعليه فلا مانع من شمول حديث الرفع بالنسبة إلى كلّ واحد من الأطراف ويكفي ذلك في الترخيص فيها وجواز ارتكابها ومخالفة الترخيص مع الدليل الدال على التكليف كمخالفة الأحكام الظاهرية مع الأحكام الواقعية كما عرفت.
ودعوى : أنّ المانع بحسب الحقيقة إثباتي لا ثبوتي كما يظهر ذلك بمراجعة الفهم العرفي والارتكاز العقلائي فإنّه لا يساعد على جعل الترخيص الظاهري في تمام الأطراف ويرى فيه نحو مناقضة مع التكليف الواقعي المعلوم بالإجمال رغم كونه ممكنا عقلا.
وتوضيح ذلك أنّ الأغراض الإلزامية في التكاليف بحسب نظر العقلائي لا يرفع اليد عن ما أحرز منها لمجرد غرض ترخيص آخر محتمل أو معلوم مشتبه معه إذ الأغراض الترخيصية في ارتكاز العقلاء لا يمكن أن تبلغ درجة تتقدم على غرض الزامي معلوم ومن هنا يكون الترخيص في تمام الأطراف بحسب أنظارهم كأنّه تفويت لذلك الغرض الالزامي
__________________
(١) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ١٩٢.