وجه لما أفاده بعض المعاصرين من اختصاص الطرف الآخر بجريان البراءة أو الحلّ فيه بلا معارض إذ مع قيام البينة والأمارة لا مجال للأصل فلا تغفل.
فتحصّل : ممّا تقدم إلى حد الآن أنّ العلم الإجمالي منجز كالعلم التفصيلي ولكنّ التنجيز في العلم الإجمالي معلق على عدم الترخيص الظاهري وذلك لكون العلم الإجمالي مشوبا بالشك دون العلم التفصيلي فالترخيص في أطراف العلم الإجمالي ممكن بالنسبة إلى المخالفة القطعية فضلا عن المخالفة الاحتمالية والاكتفاء بالموافقة الاحتمالية هذا كلّه بحسب مقام الثبوت وأمّا بحسب مقام الاثبات فقد عرفت أنّ مقتضى الأدلة بعد الجمع بينهما هو عدم جواز الترخيص في المخالفة الاحتمالية فضلا عن المخالفة القطعية فيجب الاحتياط التام في أطراف الشبهة المحصورة التي تكون أطرافها محلّ الابتلاء ولا فرق في ذلك بين أن يكون المعلوم الإجمالي من نوع واحد أو من نوعين فإذا علم بوجوب شيء أو حرمة شيء آخر وجب عليه اتيان هذا الشيء وترك ذلك الشيء الآخر لأنّ كلا من الوجوب والحرمة تدخل في عهدة المكلّف بالعلم الإجمالي وخصوصية الفعل أو الترك لا مدخلية لهما والمفروض هو امكان الاحتياط باتيان طرف محتمل الوجوب وترك الطرف الآخر الذي يكون محتمل الحرمة فلا تغفل.
ولا تفاوت أيضا فيما ذكر بين أن يكون العلم الإجمالي علما وجدانيا أو علما تعبديا كما إذا قامت البينة الشرعية على نجاسة أحد الإنائين.
ودعوى : أنّ القطع الوجداني بالإرادة الإلزامية خارج عن محلّ البحث لأنّه لا يجتمع مع احتمال الترخيص فضلا عن القطع به كما أفاد سيّدنا الإمام قدسسره (١).
مندفعة : بما عرفت من أنّ شوب العلم الوجداني بالشك يوجب المجال للترخيص الشرعي ومعه يكون حكم العقل بالتنجيز تعليقيا على ما إذا لم يرد من الشارع ترخيص فيه فمع الترخيص لا يبقى الحكم الواقعي المعلوم بالعلم الإجمالي على ما هو عليه من الفعلية
__________________
(١) تهذيب الاصول / ج ٢ ، ص ٢٤٨.