والحاصل : أنّ بناء العقلاء في مثل ما ذكر على الاحتياط.
قال السيّد المحقّق الخوئي قدسسره تبعا لشيخه الاستاذ النائيني قدسسره والتحقيق هو ما ذهب إليه المحقّق النائيني قدسسره من تنجيز العلم الإجمالي وعدم جواز الرجوع إلى الأصل في شيء من الطرفين أمّا فيما تم فيه الملاك فعلا فلأنّ الترخيص في تفويت الملاك الملزم فعلا بمنزلة الترخيص في مخالفة التكليف الفعلي إذ عدم فعلية التكليف إنّما هو لوجود المانع مع تمامية المقتضي وهو لا يرفع قبح الترخيص في تفويت الملاك الملزم.
وأمّا فيما لم يتم فلما تقدم في بحث مقدمة الواجب من استقلال العقل بقبح تفويت الملاك الملزم في ظرفه بتعجيز النفس قبل مجيء وقته كاستقلاله بقبح تعجيز النفس عن امتثال التكليف الفعلي ولا فرق في قبح التفويت بحكم العقل بين كونه مستندا إلى العبد كما تقدم وبين كونه مستندا إلى المولى بترخيصه في ارتكاب الطرف المبتلى به فعلا وترخيصه في ارتكاب الطرف الآخر في ظرف الابتلاء فإنّه ترخيص في تفويت الملاك التام الملزم وهو بمنزلة الترخيص في مخالفة التكليف الواصل وعصيانه في حكم العقل (١).
وقد عرفت أنّه لا مانع من الترخيص في مخالفة التكليف في أطراف المعلوم بالإجمال في الفعلين منه فضلا عن الترخيص في تفويت الملاك في التدريجين وذلك لشوب العلم الإجمالي بالشك كما مر مفصلا.
وعليه فالاستدلال بحكم العقل على قبح الترخيص في تفويت الملاك سواء تمّ الملاك فعلا أو لم يتم كما ترى هذا مضافا إلى أنّ فرض التمامية فعلا للملاك مع دخالة الشرط الذي لا يجيء لا يخلو عن التهافت وأيضا لا تكليف لنا بالنسبة إلى الملاكات كما لا يخفى وعليه فالأولى هو الاستدلال بما ذهب إليه شيخ مشايخنا المحقّق الحائري قدسسره من أنّ الواجب المشروط مع العلم بتحقق شرطه في ظرفه كالواجب المطلق في وجوب مقدماته الوجودية والعلمية وإن كان الوجوب المشروط باقيا على عدم فعليته بالفعل ولعلّ وجهه هو بناء
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٧١ ـ ٣٧٢.