الواقعي لاحتمال كون المحرم هو المضطر إليه (١).
وعليه فإذا اضطر إلى شرب أحد المائعين مثلا ثمّ علم بوقوع النجاسة في أحدهما بعد الاضطرار فلا ينبغي الشك في عدم التنجيز في هذه الصورة إذ معه لا يحصل له العلم بالتكليف الفعلي فيهما بعد وجود احتمال وقوع النجاسة في الطرف الذي اضطر إليه.
وحيث إنّ المفروض هو حدوث الاضطرار إليه قبل وقوع النجاسة فيه فوقوع النجاسة في الطرف المضطر إليه لا يوجب حدوث التكليف الفعلي ووقوعها في الطرف الآخر مجرد احتمال وشبهة بدوية لا مانع فيها من الرجوع إلى الأصل.
ولا كلام في هذه الصورة ولا شبهة فيها ولكنّ لا يناسب وضوح المسألة ما وقع في كلام شيخنا الأعظم قدسسره من التعبير بأنّ الظاهر عدم وجوب الاجتناب عن الباقي الخ. وكيف كان فقد قيّد المحقّق العراقي قدسسره الاضطرار بكونه بمقدار أحد التكليف أو ازيد وإلّا فالعلم الإجمالي بالتكليف موجود غايته أنّه مردد بين التكليف المحدود في الطرف المضطر إليه وغير المحدود في الطرف الآخر ومقتضاه هو لزوم الاجتناب عن الطرف غير المضطر إليه (٢).
وثانيها : أن يكون الاضطرار بعد العلم بالتكليف ولكنّه مدة الفصل بين التكليف وعروض الاضطرار قليلة بحيث لا يمكن فيها الامتثال بالنسبة إلى التكليف المعلوم ومع عدم التمكن من الامتثال فلا يعقل تنجيز التكليف قبل حدوث الاضطرار ومجرد سبق زمان حدوث التكليف على الاضطرار مع عدم التمكن من الامتثال لا يوجب أن يكون العلم الإجمالي مؤثرا في تنجيز التكليف بالإضافة إلى قطعة زمان فاصلة بين التكليف وطروّ الاضطرار.
وعليه فهذه الصورة ملحقة بما إذا كان الاضطرار قبل العلم بالتكليف أو مقارنا له فلا تغفل.
__________________
(١) فرائد الاصول / ص ٢٥٤ ، ط قديم.
(٢) راجع نهاية الأفكار / ج ٣ ، ص ٣٥٠.