وتحديده بالاضطرار معلوم إنّما الشك في أنّ التكليف بترك شرب النجس المعلوم هل هو منطبق على ترك شرب هذا الإناء إلى حدّ الاضطرار إلى شربه أو على ترك شرب ذلك الإناء الذي لا اضطرار إليه على الفرض وليس التكليف في أحد الطرفين من حيث الانطباق متيقنا بالاضافة إلى الآخر نظير ما إذا علم بأنّه مأمور بالجلوس إما في هذا المسجد ساعة أو في ذلك المسجد الآخر ساعتين فكونه مأمورا بجلوس ساعة وإن كان معلوما على أي تقدير لكنه لا بنحو التطبيق فلا يجدي في الانحلال (١).
ودعوى : أنّ هذا إذا كان هناك تكليف واحد وأمّا إذا كان كلّ ترك من تروك شرب النجس مثلا بملاحظة قطعات الأزمنة مطلوبا مستقلا فهناك تكاليف متعددة بتعدد التروك وكلّ ترك في كلّ زمان سواء كان في طرف هذا الإناء أو في طرف ذلك الإناء الآخر مطلوب إلى حدّ الاضطرار فاحتمال مطلوبية ترك شرب هذا الإناء في هذه الساعة مقرون باحتمال مطلوبية ترك شرب الآخر في هذه الساعة وهكذا إلى حدّ الاضطرار وأمّا بعد الاضطرار فليس ترك شرب ما لم يضطر إليه ذا طرف فعلا ليدور الأمر بين مطلوبيته ومطلوبية طرفه ولا ذا طرف قبلا لأنّ كلّ ترك في كلّ زمان كان له ظرف يختص به دوران الأمر بين مطلوبيته أو مطلوبية طرفه فليس للترك بعد الاضطرار طرف لا فعلا ولا قبلا فهو احتمال بدوي غير مقرون باحتمال آخر ولو من أوّل الأمر (٢).
مندفعة : أوّلا : بأنّ تقطيع الزمان بقطعات متعددة وملاحظة الترك بحسب كلّ قطعة من القطعات خلاف الظاهر لأنّ الزمان ظرف واحد لا ظروف متعددة وملاحظة كلّ قطعة على حده تحتاج إلى مئونة زائدة وعليه فالزمان المحدود في طرف المضطر إليه مقابل للزمان المطلق في طرف غير المضطر إليه وطرف من أطراف العلم الإجمالي ومقرون باحتمال آخر فيوجب الاحتياط.
__________________
(١) نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٢) نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٢٥١.