بناء على ظهورها في ثبوت الحلية الواقعية مكان الحرمة الواقعية عند الاضطرار لا ظهورها في مجرد الترخيص مع بقاء أصل الحرمة.
فلا وجه لدعوى انحلال العلم الإجمالي في مفروض الكلام لبقاء العلم الإجمالي ولو بعد الاضطرار بالتكليف المردّد بين المحدود في الطرف المضطر إليه بحدّ الاضطرار وبين غير المحدود في الطرف الآخر ومقتضى بقاء العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين المحدود وغيره هو وجوب الاحتياط في غير المحدود كما لا يخفى.
ولذلك قال في نهاية الأفكار وان شئت قلت بوجود العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين المحدود في الطرف المضطر إليه وغير المحدود في الطرف الآخر ومقتضاه هو لزوم الاجتناب عن الطرف غير المضطر إليه (١).
وإليه يؤول ما حكاه شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره من استاذه المحقّق الحائري قدسسره أنّه قال ذكرت لاستاذي صاحب الكفاية أنّه إذا شك أحد في أن الواجب عليه هو اكرام زيد في ساعة واحدة أو هو اكرام عمرو في ساعتين هل يجب عليه الاحتياط أم لا؟ قال استاذي نعم يجب عليه الاحتياط بالجمع بينهما قلت ما الوجه في وجوب الاحتياط إلّا كون الأقل والأكثر في الطرفين والشخصين لا في طرف وشخص واحد (حيث لا يرجع الشك فيه إلى الأقل المعلوم والأكثر المشكوك حتّى يقال يؤخذ بالقدر المتيقن ويجري البراءة في الزائد عليه) وهذا الملاك بعينه موجود في المقام لأنّ أمره يدور بين الاجتناب عن هذا الفرد إلى عروض الاضطرار أو عن ذلك حتّى بعد عروض الاضطرار فصدّقني استاذي وعدل عما ذكره في متن الكفاية وذهب في هامش الكتاب إلى وجوب الاحتياط.
توضيح ما ذهب إليه في الهامش بحسب ما أفاده المحقّق الاصفهاني قدسسره أنّه ليس التكليف المعلوم مردّدا بين أن يكون محدودا أو مطلقا حتّى ينحلّ إلى معلوم ومشكوك نظرا إلى أنّ ثبوت أصله إلى هذا الحدّ متيقن وفيما بعده مشكوك بل اشتراط أصل التكليف بالقدرة
__________________
(١) نهاية الأفكار / ج ٣ ، ص ٣٥٠.