__________________
وقال الغروي في الفصول : ٣٠٤ : ومنها قولهم : يعرف حديثه تارة وينكر أخرى ، فإن أريد أن حديثه يقبل عند إسناده إلى ثقة ، وينكر عند إسناده إلى غير ثقة دلّ على مدحه ، بل وثاقته ، وكان الطعن فيمن يروي عنه.
وإن أريد أن حديثه يعرف عند اعتضاده بأمارات الوثوق ، وينكر عند تجرده عنها ، دلّ على الطعن فيه ، والثاني أقرب بدليل تخصيصه بالبعض.
وعدّ الذهبي في ميزان الاعتدال : ١ / ٤ : منكر الحديث ، من أردى عبارات الجرح.
ونقل ابن قطان : أنّ البخاري قال : كل من قلت فيه : منكر الحديث ، فلا تحلّ الرواية عنه. ميزان الاعتدال ١ : ٦ / ٣ ترجمة أبان بن جبلة. وهذا اصطلاح خاص به.
وقد فصل القول فيها المامقاني في مقدمة تنقيح المقال : ١٩٢ ولما فيه من فوائد ارتأينا نقله برمته ، فقال : الفائدة الخامسة : إنّه قد تكرر من أهل الرجال ، سيّما ابن الغضائري رحمهالله في حق جماعة من رجالنا قولهم : يعرف حديثه وينكر ، أو يعرف تارة وينكر اخرى ، وإنّا وإن ذكرنا في مقباس الهداية ما ذكروه في المراد بالعبارة ، إلاّ أنّا لكثرة وقوعه في كلمات أصحابنا أهمّنا شرح الكلام فيه هنا أيضا ، فنقول : قد صدر منهم في المراد بالعبارة :
أحدها : انّ بعض أحاديثه معروف وبعضها منكر ، وأنّ المراد بالمنكر : ما لا موافق له في مضمونه من الكتاب والسنة. وبالمعروف : ما يوافق مضمونه بعض الأدلة. وعلى هذا يراد بالمنكر ما تفرّد بروايته ، وينافي ذلك قوله في بعض المواضع : ويجوز أن يخرج شاهدا ، إذا كان له موافق في المضمون.
ثانيها : ان بعض أحاديثه منكر مخالف للأدلة في مضمونه ، وبعضها معروف له موافق فيها ، وهذا يقرب من سابقه.
ويمكن الجواب بأنّ ضمير يجوز يرجع إلى أصل حديثه ، لا إلى خصوص المنكر لترد المنافاة والمدافعة ، فان التخريج يكون بالنسبة إلى بعض أحاديثه ، وهو ما يعرف.
ثالثها : انّ المراد بالمنكر الأعاجيب ، على حدّ ما قاله الشيخ رحمهالله في ترجمة جعفر بن محمّد بن مالك ، ويقابله قوله : يعرف.
رابعها : انّ المراد بالعبارة احتمالات : إنّه يقبل تارة ولا يقبل اخرى ، احتمله بعضهم ، ولم أفهم معناه ، لأنّ قبول الرواية يتوقف على كونه ثقة ، فإذا قبلت له رواية لزم قبول جميع رواياته ، إلاّ أن يريد قبول بعض الأصحاب وعدم قبول بعض آخر ، فيرجع إلى بيان أنّه مختلف فيه بين الأصحاب ، ولعلّه يساعد على ذلك قوله : أمره مختلط ، وقوله : يجوز أن يخرج شاهدا ، وقوله : أمره مظلم ، وعلى هذا الاحتمال لا يعارض قول ابن الغضائري :