وإن أردت عدم وجدان خلاف منهم ، ففيه : انّه غير ظهور الوفاق ، مع أنّ سكوتهم ربما يكون فيه شيء ، فتأمّل.
وثانيا : إنّ اتفاق خصوص هؤلاء غير إجماع العصابة ، وخصوصا أنّ مدّعي هذا الإجماع الكشي عن مشايخه. هذا مع أنّه لعلّ عند هذا القائل يكون تصحيح الحديث أمرا زائدا على التوثيق.
وإن أردت اتفاق جميع العصابة فلم يوجد إلاّ في مثل سلمان ، ممن عدالته ضرورية لا تحتاج إلى الإظهار ، وأمّا غيرهم فلا يكاد يوجد ثقة جليل سالما عن القدح ، فضلا عن أن يتحقق اتفاقهم على سلامته منه ، فضلا عن أن يثبت عندك.
واعترض هذا المحقق أيضا : بمنع الإجماع ، لأنّ بعض هؤلاء لم يدع أحد توثيقه ، بل قدح بعض في بعضهم. وبعض منهم وإن ادّعي توثيقه إلاّ أنّه ورد منهم قدح فيه.
وفيه أيضا تأمل ، وسيظهر لك وجهه في الجملة.
نعم ، يرد عليهم : أنّ تصحيح القدماء لا يستلزم التوثيق ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال : يبعد أن لا يكون رجل ثقة ومع ذلك تتفق العصابة بأجمعها على تصحيح جميع ما رواه ، سيما بعد ملاحظة دعوى الشيخ الاتفاق على اعتبار العدالة لقبول الخبر (١).
وربما يظهر ذلك من الرجال أيضا ، وخصوصا مع مشاهدة أنّ كثيرا من الأعاظم الثقات لم يتفقوا على تصحيح حديثه ، وسيجيء في عبد الله بن سنان ما يؤكده ، نعم لا يحصل الظن بكونه ثقة إماميا بل الأعم ، كما لا يخفى ، ويشير إليه نقل هذا الإجماع في الحسن بن علي ، وعثمان بن
__________________
(١) عدة الأصول : ١ / ٣٧٦ ـ ٣٧٧.