في طهارة نفسه وبدنه يمكننا الإشارة إليها بالفقرات التالية :
لا يخفى بأن أكثر مشاكلنا تتأتى من اطلاقنا العنان لألسنتنا بدون ضابط ، وأن الكثير منا يرغب في الكلام أكثر من الاستماع ، وهنا تستدعي الضرورة في أحيان كثيرة أن نتربى على الاعتصام بالصمت في حالات الانفعال أو المواقف الحرجة ، أو من أجل الحفاظ على الأسرار ، من هنا يشيد إمامنا عليهالسلام بالصمت ، فهو عنده من علامات الفقه ، وباب من أبواب الحكمة ، ويرى بأن له معطيات اجتماعية عديدة.
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : قال أبو الحسن الرّضا عليهالسلام : « من علامات الفقه : الحلم والعلم والصمت ، إنَّ الصمت باب من أبواب الحكمة ، إنَّ الصمت يكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير » (١).
ومن المفيد التذكير أن هناك علاقة وثيقة بين العبادة والصمت ، فالعبادة عادةً تحتاج إلىٰ صفاء وتفرغ عن المشاكل ، واللسان المهذار أحد الأسباب التي تكدر صفو العبادة ، وقد تسهم في إبطالها كما إذا تفوّه الإنسان بكلمات كبيرة كالقذف والسّباب والفسوق وما إلىٰ ذلك.
وعموماً فإطلاق العنان للِّسان ، وهو المعروف بعثراته وزلاته ، يوقع الإنسان في شرك الشيطان الذي يوحي له بالسوء والفحشاء ، الأمر الذي ينعكس سلباً على العبادة. من هنا ينبه الإمام عليهالسلام إلى حقيقة منطقية ، هي : أن السيطرة على النفس لا تتمّ إلّا من خلال عقل اللِّسان عن عبارات
________________
(١) اُصول الكافي ٢ : ١١٣ ، ح ١ باب : الصمت وحفظ اللسان ، وكشف الغمة ٣ : ٨٥ ، باب : ذكر طرف من دلائله وأخباره.