ويمكن الجمع بين الرأيين المتعارضين باحتمال استشارة المأمون لذي الرياستين بشأن الإمام الرضا وموافقة الأخير له بعد أن رأى ميل المأمون لذلك في الظاهر ، فلم يحب مخالفته ، وحين استبان له الواقع أعرب عما كان يكنه من عداء لأهل البيت عليهمالسلام.
وهناك من تتبع المجرى العريض لهذا التطور وعد من العوامل التي دفعت المأمون إلى التقرب من البيت العلوي وشيعتهم مالمسه من عداء البيت العباسي له. يذكر الطبري من بين أحداث سنة ٢٠١ هـ ما كان (من مراودة أهل بغداد منصور بن المهدي على الخلافة) (١). وقد أمتنع منصور المذكور عن ذلك ولكنه قبل أن يصبح أميراً على بغداد. إلى جانب عداء ابراهيم بن المهدي وغيره من العباسيين للمأمون (٢) ، وقد أعلن أهل بغداد عصيانهم للحسن بن سهل والي المأمون على بلاد العراق (٣).
وهذا الأمر غير صحيح لحصول تلك الأحداث بعد قتل الأمين وتقرّب المأمون إلى التشيع في الظاهر.
قد يكون أحد العوامل السالفة الذكر أو بعضها قد أثر في نفس المأمون ودفعه إلى انتهاج سياسة جديدة مع العلويين ، ولكن يبدو لنا أن القضية أعمق من ذلك بكثير ، فالمأمون وقد عُرف بالحنكة السياسية
________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٣٢.
(٢) انظر : تاريخ الخلفاء / السيوطي : ٢٥٠.
(٣) البداية والنهاية / ابن الاثير : ١٠ : ٢٤٧.