له : كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا عليهالسلام مع إكرامه ومحبته له وماجعل له من ولاية العهد بعده ؟
فقال : إن المأمون إنما كان يكرمه ويحبّه لمعرفته بفضله ، وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس انه راغب في الدنيا فيسقط محلّه من نفوسهم ، فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلّا ما ازداد به فضلاً عندهم ومحلاً في نفوسهم.. وكان الناس يقولون : والله انه أولى بالخلافة من المأمون ، وكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده له (١).
المفارقة العجيبة أن الفضل بن سهل الذي عده البعض سبباً ـ كما أسلفنا ـ لإقدام المأمون على إلزام الإمام عليهالسلام بولاية العهد ، عده البعض أيضا سبباً في إقدام المأمون على قتل الإمام عليهالسلام هذه المرة !. علماً بأن الفضل بن سهل قد اغتيل والإمام على قيد الحياة ، فكيف ـ والحال هذه ـ يشير على المأمون بذلك ؟ اللهم إلّا إذا كان المأمون يريد التخلص من الفضل بن سهل والإمام عليهالسلام معا ليُرضي العامة والخاصة على حد سواء ، فأقدم على اغتيال الفضل في الحمّام ، وعلى اغتيال الإمام عليهالسلام بالسمّ.
ومهما يكن من أمر فان الشيخ المفيد قدسسره يرى بأن الفضل وأخاه كانا يحرضان المأمون على قتل الإمام عليهالسلام وذلك لأن إمامنا : كان يُزري على الحسن والفضل ـ ابني سهل ـ عند المأمون إذا ذكرهما ، ويصف له مساوئهما
________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٦٥ ، ح ٣ باب (٥٩).