وبينهم مناظرات عرض فيها حججاً مجلجلة تقرع آذانهم وتفحم ألسنتهم (١).
وفي مروره بنيسابور قاصداً مرو انساب صوته الهادىء يلف أرجاء هذه المدينة ليلامس الاسماع برفق ، ويلج القلوب المتعطشة إلى المعرفة الحقة ، فقد عمت الفرحة والبهجة أرجاء المدينة حين قدومه إليها ، وقد استقبل استقبالاً شعبياً منقطع النظير ، فلم تشاهد نيسابور في جميع تاريخها مثل ذلك الاستقبال ، وكان في طليعة المستقبلين كبار العلماء والفضلاء ورجال الحديث ، وعرض له أشهر حفاظ الحديث من أهل السنة في ذلك الزمان كأبي زرعة الرازي (٢) ، ومحمد بن أسلم الطوسي (٣) ومعهما خلائق لايحصون من طلبة العلم مع اقطاب كل فن فالتمسوا منه أن يتحفهم بحديث سمعه من آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأتحفهم بحديثه الذي عرف اسناده بسلسلة الذهب (٤) ، وفي ذلك يقول عبد السلام بن صالح أبو الصلت
________________
(١) اُنظر : الخرائج والجرائح ١ : ٢٠٤ ـ ٢٠٦.
(٢) أبو زرعة الرازي ، يطلق على ثلاثة ، والظاهر أن المراد هنا أبو زرعة الكبير الإمام الحافظ عبيد الله بن عبد الكريم ، لكن قيل في ولادته أنها كانت بعد نيف ومائتين ، وذكر ابن ابي حاتم أن أبا زرعة هذا سمع من عبد الله بن صالح العجلي ، والحسن بن عطية بن نجيح وهما ممّن توفي سنة ٢١١ هـ ، وبذلك تثبت معاصرته للإمام الرضا عليهالسلام. راجع : سير اعلام النبلاء ١٣ : ٦٥ / ٤٨ و ١٧ : ٥١ / ٢٠.
(٣) محمد بن أسلم الطوسي : هو ابن سالم بن يزيد ، الإمام الحافظ الرباني ، شيخ الإسلام أبو الحسن الكندي مولاهم الخراساني الطوسي. مولده حدود ١٨٠ وتوفي سنة ٢٤٢ هـ بنيسابور. سير أعلام النبلاء : ١٢ : ١٩٥ / ٧٠.
(٤) اُنظر : الفصول المهمة / ابن الصباغ المالكي : ٢٥٠.