المُقدَّمةُ يتّصف
أئمة أهل البيت عليهمالسلام بجميع المناقب
والفضائل فهم من نور واحد وطينة واحدة ، ومن الضروري بمكان أن نستضئ بتاريخ حياتهم الشريفة ، ونستجلي مواطن العبرة فيها ، وما أكثرها لنهتدي بهديهم ، ولنتعرف على مواضع العظمة التي امتازوا بها عن غيرهم ، تلك المواضع التي ارتفعت بهم إلى قمم الكمال الانساني. ومن
هذا المنطلق يتناول هذا الكتاب دراسة لحياة الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليهالسلام الذي لم يكن في
الطالبيين في عصره مثله وكان سيد بني هاشم في زمانه ومشهورا بالتقدّم ونباهة القدر ، وعظم الشأن ، وجلالة المقام بين الخاصّ والعام. وفوق كل ذلك هو باب من أبواب الله عزوجل. كان ـ ومازال ـ مناراً للهدى يقصده ملايين الزوار من كافة الاقطار ، يتبركون بمرقده ويلتمسون شفاعته. وتتأكد
الحاجة إلىٰ مثل هذا البحث إذا ما عرفنا الحالتين السياسية والثقافية التي عاصرها الإمام الرضا عليهالسلام وما يمكن أن يؤدّيه
من دور على هذين الصعيدين. إلى
جانب ذلك فإن الأمم الحيّة تُحيي ذكرى عظمائها وعلمائها ، وتستمد من جهودهم وجهادهم دروساً تربوية تترجمها إلى واقع عملي ، فترتقي بذلك إلىٰ سلّم
أعلى من القيم والرّقي الحضاري. من
هنا وجدنا من الضرورة بمكان أن ندرس هذه الشخصية الكبيرة دراسة علمية موضوعية ، تعتمد التحليل قدر استطاعتها ، والاستنتاج قدر جهودها ، وفق منهج تكاملي يعتمد النقل والعقل معاً ، وبلغة واضحة. وقد
قسّمنا الكتاب إلىٰ مقدِّمة وسبعة فصول ، استعرضنا في الفصل الأول : عصر الإمام عليهالسلام سياسياً وثقافياً ، ضمن
مبحثين منفصلين.