أباه ثلاثة عقود من الزمن.
وقد استغل إمامنا فترة الصراع بين الأخوة ـ الأعداء (الأمين والمأمون) فرفع راية الهدى واستخدم أسلوباً جديداً لتفعيل مدرسة أهل البيت عليهمالسلام يمكن أن نطلق عليه أسلوب « المدرسة السّيارة » بعد أن وجد أن مدرسة أهل البيت عليهمالسلام قد حوصرت في المدينة المنورة. هذا الاستنتاج لا نذهب إليه جزافاً ، فهناك أقوال وروايات تشهد على أن الإمام الرضا عليهالسلام ـ عميد هذه المدرسة ـ كانت له جهود قيّمة في عدةٍ من بلدان العالم الاسلامي ومدنه الهامّة وترك فيها آثاراً جليلة ، ولعل من أهمها :
كان الإمام الرضا عليهالسلام يقوم بحركة علمية نشطة ، حتى أن بعض الشيعة ـ كما أسلفنا ـ قد حذره من سيف هارون الذي يقطر دماً ـ حسب تعبيرهم ـ ودعوه إلى مراعاة التقية والتبليغ بسرية.
ومما يعكس مدىٰ نشاطه العلمي في المدينة ، ما ورد من أقوال أبرز علماء التراجم والرجال بحقّه ، أكد « الواقدي » على أن الإمام الرضا عليهالسلام كان يفتي بمسجد رسول الله رغم حداثة سنّه ، قال : « سمع عليٌ الحديث من أبيه وعمومته وغيرهم ، وكان ثقة ، يفتي بمسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ابن نيف وعشرين سنة ، وهو من الطبقة الثامنة من التابعين من أهل المدينة » (١).
أما الحافظ الذهبي فقد أشاد بمكانة الرضا عليهالسلام العلمية ومنزلته الدينية معاً ، عندما قال : « كان من العلم والدِّين والسُّودد بمكان يقال : أفتى وهو
________________
(١) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣٥١ ـ ٣٥٢.