وينهاه عن الإصغاء إلى قولهما ، وعرفا ذلك منه فجعلا يحطبان عليه عند المأمون ويذكران له عنه ما يُبعده منه ويُخوِّفانه من حمل الناس عليه ، فلا يزالان كذلك حتى قلبا رأيه ، وعمل على قتله عليهالسلام.. (١).
عمل المأمون على إعادة الجسور المقطوعة مع العباسيين ، وترميم ما تهدم من علائق معهم ، لذلك اتُهم المأمون في قتله ـ أي الرضا عليهالسلام ـ تقرباً للعباسيين (٢).
لقد استبد القلق بالمأمون من تفاعل الأمة مع مبدأ « النص » الذي تتبناهُ مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، ذلك المبدأ الأمثل الذي ترسخ في وعي الأمة منذ عهد الرسالة الأولى وازداد بفضل أهل البيت عليهمالسلام ثباتاً ورسوخاً ، وما جاء دور الإمام الرضا عليهالسلام إلّا وقد عقد المناظرات واحتج بمختلف الآيات البينات زيادة علىٰ ما أدلىٰ به من أحاديث آبائه الطاهرين عليهمالسلام في مناسبات شتىٰ ، ونتيجة لذلك أدرك المأمون خطورة هذا المبدأ الذي دافع عنه الإمام بقوة في مقابل اطروحة السلطة القائمة على صيغة « الرضا من آل محمد » التي يكتنفها الغموض ويلفها الإبهام ، وأثبتت الأيام عقمها وعدم مصداقيتها. من هنا لم يعد مستبعداً
________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢٦٩ ، باب : ذكر وفاة الرضا عليهالسلام وسببها.
(٢) تاريخ الإسلام السياسي والديني / الدكتور حسن ابراهيم حسن ٢ : ٧١.