يتفرّقوا تفرّقوا مسرعين (٢).
صفوة القول ؛ لقد فجّر الإمام أمامنا نهراً من العاطفة في قلب كل انسان مسلم ، فقد وجدوا فيه انسانية فذة استمدها من روح الرسالة.
كان الشعراء يتوافدون اليه ، ينظمون القوافي ويتفننون في صوغ قوالب المعاني التي تشيد بفضله ومنزلته. كان دعبل الخزاعي من أبرز شعرائه ، فقد كان كل ولائه موجها نحو العلويين ، حتى أنه جهر بعدائه الشديد للخلفاء العباسيين ، وهجاهم هجاءً لاذعاً مرّاً ، وأبدى دعبل حبوره لبيعة المأمون للامام العلوي الرضا بولاية العهد ، فدخل عليه بمرو فقال له : يا ابن رسول الله ، اني قد قلت فيكم قصيدة ، وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك. فقال عليهالسلام : « هاتها » فأنشده :
مدارسُ آيات خلت من تلاوة |
|
ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصات |
فلما بلغ إلى قوله :
أرى فيئهم في غيرهم متقسّما |
|
وأيديهم من فيئهم صفرات |
بكى أبو الحسن الرضا عليهالسلام وقال له : « صدقت ياخزاعي » فلما بلغ إلى قوله :
إذا وتروا مدُّوا إلى واتريهم |
|
أكفّا عن الأوتار منقبضات |
جعل الرضا عليهالسلام يقلّب كفّيه ويقول : « أجل والله منقبضات » فلما بلغ قوله :
________________
(١) اُنظر : الإرشاد ٢ : ٢٦٥ و ٢٦٧.