وإن كنت أدنى منه في الفضل والنهى |
|
عرفت له حق التقـدم والفضل |
فقال له المأمون : ما أحسن هذا ، من قاله ؟! فقال بعض فتياننا ، قال : فأنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل وترك عتاب الصديق ، فقال عليهالسلام :
إني ليهجرني الصديق تجنّباً |
|
فأريه أنَّ لهجره أسبابا |
وأراه إن عاتبته أغريته |
|
فأرى له ترك العتاب عتابا |
وإذا بليت بجاهل مستحكم |
|
يجد المحال من الأمور صوابا |
أوليته مني السكوت وربما |
|
كان السكوت عن الجواب عتابا |
ثمّ قال المأمون : أنشدني أحسن ما رويته في استجلاب العدو حتىٰ يكون صديقاً ، فقال عليهالسلام :
ومن لايدافع سيئات عدوه |
|
بإحسانه لم يأخذ الطَول من عَلِ |
ولم أرَ في الأشياء أسرع مهلكا |
|
لغمر (١) قديم من وداد معجّلِ |
فالإمام هنا ونتيجة للأفق الاجتماعي الرّحب الذي يتمتع به يدعو ليس فقط إلىٰ السكوت عن الصديق وإنما إلى أبعد من ذلك بكثير إلى استجلاب العدو حتى يكون صديقاً !.. إنها النفس الكبيرة.
وهو رأس الخصال الكريمة ، وأصل المروءة وسبب العفّة. والعلاقة وثيقة بين الإيمان والحياء ، فكلما زاد حياء الإنسان دل علىٰ مدىٰ عمق إيمانه ، وأما من خلع ثوب الحياء فلا إيمان له ، يقول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الحياء والإيمان مقرونان في قرن ، فإذا ذهب أحدهما تبعه
________________
(١) الغمر : الحقد.