ليس خافياً بأن الذنوب تمثل عائقاً يحول دون توطيد العلاقة مع الرَّب ، والاستغفار هو الأسلوب الذي يرتضيه الرَّب لكسب عفوه واستجلاب رحمته ، وليس من شكّ في أن الاعتراف بالذنب مقدمة ضرورية عند العقلاء لتخفيف الجرم أو إلغائه ، والله تعالى سيد العقلاء يدعو عباده المذنبين الذين قطعوا حبل الوصال معه إلى الاستغفار والتوبة كمقدمة للدخول في حظيرة قدسه ، بشرط أن يكون المستغفر صادقاً في طلبه مقلعاً عن ذنبه.
والملاحظ أن إمامنا عليهالسلام يستخدم ضرب الأمثال كأسلوب تربوي فعال لتقريب الفكرة إلى الواقع المحسوس في عقول الناس :
عن ياسر ، عن الرضا عليهالسلام قال : « مثل الاستغفار مثل ورق علىٰ شجرة تحرَّك فيتناثر ، والمستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزىء برَّبه » (٢).
تتوطّد دعائم العلاقة بالله تعالىٰ من خلال الدعاء الذي يمثل الاتصال المباشر بين البشر وخالقهم ، لا سيما وأن الله تعالى قد أَذِن للإنسان بالدعاء وتكفّل له بالإجابة. والدعاء هو شكل من العبادة بل أفضلها ، قال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أفضل العبادة الدعاء » (١) ، وهو أحبّ الأعمال إلىٰ الله تعالى ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « أحبّ الأعمال إلى الله عزَّوجلَّ في الأرض
________________
(١) اُصول الكافي ٢ : ٥٠٤ / ٣ باب الاستغفار ، كتاب الدعاء.
(٢) تنبيه الخواطر ٢ : ٢٣٧.