لا أهل للتقدير والاحترام.
هذه الحقيقة الجوهرية التي أثارها الإمام عليهالسلام والمتمثّلة بتسبّب الفكر المنحرف في دمار المجتمع والمدنية لم يلتفت إليها علماء الاجتماع وخاصة الغربيين منهم ، فهؤلاء ينظرون لعوامل انحطاط وتدمير المجتمعات وسقوط الحضارات وفق نظرة مادية تستبعد كلياً العوامل الغيبية كنزول النقمة الإلهية.
أما النظرية الإسلامية في علم الاجتماع فتأخذ بنظر الاعتبار عامل الغيب ، وتعده من أبرز العوامل المؤثرة في تدمير المجتمعات وسقوط الحضارات ، وإمامنا هنا أرشد إلى هذا العامل الفاعل بصورة لالبس فيها.
وهناك عدة ارشادات راقية للإمام الرضا عليهالسلام وهي صالحة للانطباق على أكثر من دائرة واحدة من دوائر العلاقة السالفة الذكر ، ويمكننا الإشارة إليها من خلال الفقرات الآتية :
أ ـ التمجيد بالعقل : ما من دين ذهب أبعد من الإسلام في التمجيد بالعقل وتثمين دوره في الاعتقاد ، وكان إمامنا الرضا عليهالسلام ينسج علىٰ منوال الإسلام في تأكيد قيمة العقل وإبراز مكانته ، فقد اعتبر العقل حجّة على الخلق ، يتّضح لنا ذلك من الحوار الذي دار بين الإمام الرضا عليهالسلام وبين ابن السكّيت الذي أثنىٰ على الإمام عليهالسلام قائلاً : « والله ما رأيت مثلك ».. ثمّ سأله : فما الحجّة على الخلق اليوم ؟
فقال : « العقل ، يعرف به الصادق على الله فيصدقه ، والكاذب على الله فيكذبه ». فقال ابن السكيت : هذا والله هو الجواب (١).
________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٢٢٥.