الأقربين ؛ لأن العدوى الفكرية أخطر من العدوى الجرثومية ، فهي تورد الإنسان موارد الهلكة والنقمة في الدنيا والعذاب الدائم في الآخرة :
عن الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول لأبي : « ما لي رأيتك عند عبد الرَّحمن بن يعقوب » ؟ فقال : إنّه خالي ، فقال : « إنّه يقول في الله قولاً عظيماً ، يصف الله ولا يوصف ، فإمّا جلست معه وتركتنا ، وإمّا جلست معنا وتركته ؟ » فقلت : هو يقول ما يشاء ، أيُّ شيءٍ عليَّ منه إذا لم أقل ما يقول ؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : « أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً ؟ أما علمت بالّذي كان من أصحاب موسى عليهالسلام وكان أبوه من أصحاب فرعون ، فلمّا لحقت خيل فرعون موسىٰ تخلَّف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى فمضى أبوه وهو يراغمه (١) حتى بلغا طرفاً من البحر ، فغرقا جميعاً ، فأتى موسى عليهالسلام الخبر ، فقال : هو في رحمة الله ، ولكنَّ النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب الذنب دفاع » (٢).
الرواية المتقدمة ذات قيمة اجتماعية كبرى ، ففيها دعوة إلى الانسلاخ الاجتماعي من الموبوئين فكرياً والحجر عليهم والابتعاد عنهم.
صحيح أن الأفراد المحصنين عقائدياً والواعين فكرياً لايتأثرون بأمثال هؤلاء ، ولكن الخشية كل الخشية تتأتى من النقمة الإلهية التي إذا نزلت فإنها تعم الكافر والمؤمن على حد سواء في دار الدنيا ، وإن كان المؤمن تشمله رحمة الله في الآخرة. هذا فضلاً عما في مجالسة أهل المعاصي من إضفاء صورة عليهم لا يستحقونها ؛ لأنهم أهل للتحقير والاستصغار
________________
(١) المراغمة : الهجران والتباعد والمغاضبة ، أي يبالغ في ذكر ما يبطل مذهبه.
(٢) اُصول الكافي ٢ : ٣٧٤ / ٢ ، أمالي الشيخ المفيد : ١١٢ / ٣.