الرضا عليهالسلام وإناطة ولاية العهد به.
نحن لانغض الطرف عن تأثير عدد من العوامل الذاتية والموضوعية التي ساهمت بنحو أو آخر في إحداث التحول المفاجىء في مسار السياسة العباسية تجاه المعارضة العلوية المتعاظمة ، ولكننا نعيد التأكيد على أن المأمون قد استوعب حجم المتغيرات الداخلية ، وعرف أن ميزان القوىٰ أخذ يميل لصالح العلويين ، وبعد أن أدرك عقم المعالجة القمعية أخذ بالتقرب منهم ، وفق مخطط مدروس بعناية ، وليس على نحو عرضي. والشيعة بدورهم قد أدركوا أبعاد هذا المخطط.
تقول الدكتورة نبيلة عبد المنعم داود : « إن البيعة ذاتها لم تقرب جميع العلويين من المأمون ، ولكنها أرضت قسماً منهم فقط » (١). وتعزز هذا الرأي الدكتورة سميرة الليثي ، فتقول : « لم تكن البيعة لعلي الرضا ترضي نفوس الشيعة ، ولاتقنعهم بالولاء للمأمون ، فقد اعتبرت الشيعة هذه البيعة وسيلة لتسكين خواطرها ، ودفعها إلى الركون إلى الهدوء والسلام ، بعد أن تعددت الحركات العلوية في عهد المأمون » (٢).
المبحث الثاني : موقف الإمام الرضا من ولاية العهد :
اذا أمعنا النظر في النصوص والروايات الواردة بخصوص موقف الإمام الرضا عليهالسلام من ولاية العهد نجد أن الإمام قد رفض بشدة العروض التي
________________
(١) نشأة الشيعة الإمامية : ٢٣١.
(٢) جهاد الشيعة : ٣٦٥ ـ ٣٦٦.