ان قراءة معمقة لما بين سطور أحداث تلك الفترة تكشف لنا عن تفاعل عوامل موضوعية عديدة دفعت المأمون إلى التقرب من العلويين وتنفيس الاحتقان بين البيتين العلوي والعباسي. ومن هذه العوامل :
١ ـ تعاطف أهل خراسان : ومن الطبيعي والحال هذه أن يأخذ المأمون هذا التعاطف بعين الاعتبار ، لذلك (كانت البيعة لعلي الرضا بولاية العهد ترضي مشاعر أهل خراسان إرضاءً تاماً ، ولاشك أن ذلك الدافع كان في مقدمة الدوافع التي حدت بالمأمون إلى البيعة لهذا الزعيم العلوي بولاية عهده) (١).
فهناك من يرى بأن المأمون حاول أن يتقرب إلى العلويين مدفوعاً في ذلك بتأثير الفضل بن سهل الذي أشار على المأمون أن يتقرب إلى الله عزوجل إلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بصلة رحمه بالبيعة بالعهد لعلي بن موسى الرضا عليهالسلام ليمحو بذلك ماكان من أمر الرشيد فيهم ، وماكان يقرر على خلافه في شيء.. (٢).
وكان الرأي العام في ذلك الوقت يعتبر أمر البيعة للرضا عليهالسلام من تدبير الفضل بن سهل : عن الريان بن الصلت قال : أكثر الناس في بيعة الرضا من القواد والعامة ومن لم يحب ذلك ، وقالوا : ان هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرياستين (٣).
________________
(١) جهاد الشيعة / الدكتورة سميرة الليثي : ٣٥٠.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥٨ ، ح ١٩ ، باب (٤٠).
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٦٢ ، ح ٢٢ ، باب (٤٠).