ومن الشواهد على الإجلال والهيبة التي لقاها من علماء عصره ، وحتى من أهل بيته ، ما جاء عن سليمان بن جعفر ، قال : قال لي علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) : أشتهي أن أدخل على أبي الحسن الرضا عليهالسلام اُسلّم عليه ، قلت : فما يمنعك من ذلك ؟ قال : الإجلال والهيبة له (٣).
وكان بعض كبار علماء الشيعة يطلبون لقاء الإمام عليهالسلام لا لشيء إلّا لالتماس البركة منه ، وحكاياتهم في هذا كثيرة ، وهو أمر معهود في شأن عمداء أهل بيت النبوّة ، ناهيك عن اعتقادهم بأنّه الإمام الحقّ الواجب الطاعة..
لما كانت أسرار الرسالة ومفاتيح كنوزها قد انتهت إلى الإمام الرضا عليهالسلام غدت جموع الجماهير تحفُّ به ، وبالمقابل كان الإمام عليهالسلام يكن للناس كل الحب والعطف ، وعندما تحف به الجماهير تتألق ملامحه بالبشر والنور ، وتفيض عيناه بالوداعة واللطف ، كانت شخصيته ذات جاذبية خاصة تجذب القلوب المؤمنة والنفوس الطاهرة كما يجذب شذا الازهار النحل ، أينما يرحل أو يحل يمطروه بوابل كلمات التقدير والتبجيل ، يتعطشون إلى رؤيته تعطش الضمآن إلى الماء.
عن أبي حبيب النباجي ، قال : جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليهالسلام من المدينة ، ورأيت الناس يسعون إليه.. (١). وعبارة « يسعون إليه » تكشف لنا مدى شوق الناس للامام الرضا عليهالسلام وشدة محبتهم له ، فقد كانوا
________________
(١) رجال الكشي : ٤٩٥ ، ترجمة (٤٨٥).
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢٢٧ ، ح ١٥ ، الباب (٤٧).