نهل الإمام موسى الكاظم عليهالسلام من فيض غدير هذه المدرسة المباركة مدة عقدين من الزمن ، فقد ولد سنة ١٢٨ هـ أو ١٢٩ هـ ـ على اختلاف الروايتين ـ وتُوفي أبوه الصادق عليهالسلام عام ١٤٨ هـ ، فكان من الطبيعي ـ بعد انتقال الامامة إليه ـ أن يشغل كرسي الاستاذية مكان أبيه ، ( .. واجتمع جمهور شيعة أبيه على القول بإمامته والتّعظيم لحقِّه والتسليم لأمره ، ورووا عن أبيه عليه السلام نصوصاً عليه بالإمامة ، وإشارات إليه بالخلافة ، وأخذوا عنه معالم دينهم ، ورووا عنه من الآيات والمعجزات ما يُقطع به على حجّته وصواب القول بإمامته) (١).
من أجل ذلك كان الاستاذ الأكبر بعد أبيه في هذه المدرسة الكبرىٰ (فقد روىٰ عنه العلماء في فنون العلم من علم الدين وغيره ما ملأ بطون الدفاتر وألّفوا في ذلك المؤلفات الكثيرة المروية عنه بالأسانيد المتصلة ، وكان يُعرف بين الرواة بالعالم) (٢).
قال الشيخ المفيد : وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى عليهالسلام فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب الله.. (٣).
كان هذا في أجواءٍ قد تعرّض عليهالسلام فيها لضغط متزايد من حكام عصره العباسيين ، ولكنه وعى المتغيرات السياسية جيدا ، فأخذ يبثّ
________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢١٤.
(٢) الارشاد ٤ : ٨٤.
(٣) الارشاد ٢ : ٢٣٥.