البداء من المسائل المعقدة التي كثر الجدل والنزاع حولها قديماً وحديثاً بين الفلاسفة والعلماء من السنة والشيعة ، ولكل من الفريقين رأي واتجاه.
فما هو البداء ؟
البَداء ـ لغةً : ظهور الشيء بعد خفائه.. وبدا له في هذا الأمر بداءً ، أي : تغير رأيه عمّا كان عليه بعد أن ظهر له فيه رأي آخر (١).
وقد اتُهم الشيعة بنسبة الجهل إلى الله تعالى استناداً إلى المعنى اللغوي المتقدم للبَداء ، والحال أن الشيعة يتبرأون من هذه التهمة الشنيعة ، وهم يكفّرون كل من ينسب الجهل إلى الله تعالىٰ ، ويرون بأنه تعالى لا تخفى عليه خافية في السماوات والأرض ، وأنه ليس محلاً للحوادث والتغيرات ، لاستلزام ذلك خروجه ـ عزّوجلّ ـ عن حضيرة الوجوب إلى الإمكان ، زد على ذلك أن الشيعة متفقون على أن الله تعالى عالم بالجزئيات كعلمه بالكليات ، وعلمه بالمعدوم كعلمه بالموجود ، وآراء الشيعة هذه مدونة في عشرات الكتب والرسائل والبحوث تحت عنوان « البَداء » (١).
والحال أن حقيقة البَداء عندهم ليس ظهور الأمر لله تعالى بعد أن كان خافياً عليه ، تعالى الله عزّوجلّ عن ذلك علواً كبيراً بل هو ظهور أمر لنا منه تعالى لم يكن مرتقباً ، يعد مساوقاً لتغيير القضاء كما هو عند
________________
(١) لسان العرب / ابن منظور ١٤ : ٦٥ ، مفردات الراغب : ٤٠ ، مادة (بدا).
(٢) اُنظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة / الطهراني ٣ : ٥١ ـ ٥٧ و ١٣١ ـ ١٥١.