الجمهور ، وعليه فالبداء عند الشيعة الإمامية هو البداء الواقع في (التكوينيات) كالنسخ المتعلق بـ (التشريعات) ، فكما أن النسخ في التشريعات أمر جائز وسائغ ، كذلك البداء في التكوينات أمر سائغ وممكن وجائز.
ثم إن البداء يكون في القضاء الموقوف المعبّر عنه بـ (لوح المحو والإثبات) والالتزام بجواز البداء فيه لايستلزم نسبة الجهل إلى الله سبحانه ، وليس في هذا الالتزام ما ينافي عظمته وجلاله (١).
وهناك آيات قرآنية كثيرة تثبت بأن الله تعالى مبسوط اليدين في مجال التكوين ، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء ، منها : قوله تعالى : ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٢).
وتوجد أحاديث في صحاح السنة تشير إلى حصول المحو والإثبات الإلهيين ، وإمكانية التغيير والتبديل فيما كتبه الله وقدَّره وفقاً لمشيئته وإرادته تعالى ، منها ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير قوله تعالىٰ : ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) (١) أنَّه قال : « إنَّ الله يحدث من أمره ما يشاء ، وإنَّ مما أحدث أن لا تكلّموا في الصلاة » (٢).
وبإسناد عن أنس بن مالك أن نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم لما صعد إلى السّماء واجتمع
________________
(١) اُنظر : دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي ٢ : ٣٣ وما بعدها.
(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٣٩.
(٣) سورة الرحمن : ٥٥ / ٢٩.
(٤) صحيح البخاري ٩ : ١٨٧ ـ باب : قول الله تعالىٰ : ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ).