غادر الإمام الرضا عليهالسلام بيت الله الحرام متوجهاً إلىٰ خراسان قوبل بمنتهى الحفاوة والتكريم والاجلال في كل بلد أو حي يمرّ به ، وكان الناس يسألونه عن أحكام دينهم وهو يجيب عنها.
لقد أراد المأمون أن يكون سفر الإمام عليهالسلام غامضاً عبر الطريق الصحراوي القاحل ، ولكن امامنا استغل هذه الفرصة المناسبة لنشر علوم مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، وادامة عطائها العلمي والمعرفي.
المبحث الثاني : الإمام الرضا في ظل أبيه عليهماالسلام
لازم الإمام أباه عليهماالسلام ملازمة الظل منذ نعومة أظفاره إلىٰ أن فرّق الأجل بينهما ، وكان الأب العظيم يصب في اذن ولده الأغر أعذب الألفاظ وأرق المعاني ، ويغذيه من علوم آبائه وأجداده عليهمالسلام ويشيد دائماً بفضله ويقدمه على جميع ولده ، ومن مصاديق ذلك ، ماقاله الإمام الكاظم عليهالسلام لسليمان بن حفص المروزي الذي سأل الكاظم عليهالسلام عن الحجّة على الناس بعده ، قال : « يا سليمان ، إن علياً ابني ووصيي والحجّة على الناس بعدي ، وهو أفضل ولدي » (١).
وروى الصدوق عن نُعيم القابوسي ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام أنه قال : « ابني عليّ أكبر ولدي وآثرهم عندي ، وأحبَّهم إليَّ.. » (٢).
تكلّم الإمام الرضا عليهالسلام ذات يوم بين يدي أبيه عليهالسلام فأجاد وأحسن أيّما
________________
(١) دلائل الإمامة : ٣٩٦.
(٢) الارشاد ٢ : ٢٤٩.